روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الاثنين، 23 مايو 2022

أخبار الشيعة وأحوال رواتها لشيخ العراق السيد محمود شكري الألوسي

 


أخبار الشيعة وأحوال رواتها لشيخ العراق

السيد محمود شكري الألوسي

تقديم وتعليق  محمد مال الله

 ----

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

وبعد، فإن المتتبع لكتب الشيعة يجد أن تقسيم الخبر عند الشيعة إلى صحيح وغيره إنما هو ناشئ من احتكاك الشيعة بأهل السنة وتأثرهم بهم إضافة إلى محاولة الشيعة رد الاعتبار إلى بعض مروياتهم وإن سلكوا طريق الغش والتدليس والتخبط في هذا العالم الذي وضع أساسه وشيّد أركانه الجهابذة من علماء السنة، رغم أن الفكر الشيعي يأمر باجتناب أهل السنة والعمل بما يخالفهم كما سيأتي بيانه.

وفي ذلك يقول الحر العاملي في "وسائل الشيعة" ج20 ص100: "الإصلاح الجديد (تقسيم الحديث) موافق لاعتقاد العامة (أهل السنة) واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلام الشيخ حسن وغيره، وقد أمرنا الأئمة (ع) باجتناب طريقة العامة وقد تقدم ما يدل على ذلك في القضاء في أحاديث ترجيح الحديثين المختلفين وغيرها".

ويقول ص102: "أن هذا الاصطلاح مستحدث في زمان العلامة (يقصد ابن مطهر الحلي)، أو شيخه أحمد بن طاووس كما هو معلوم، وهو معترفون به، وهو اجتهاد وظنّ منهما".

في اعتقاد الحر العاملي أن هذا التقسيم الناتج من تقليد الشيعة لأهل السنة له نتائج وعواقب وخيمة على الفكر الشيعي إذا تم تطبيقه على مروياتهم ورجالهم، حيث إن ذلك يستلزم – حسب اعتقاد الحر العاملي – الطعن في جميع أصول الشيعة من زمن الأئمة المزعومين حتى زمن الغيبة وبذلك تكون مروياتهم قاعاً صفصفاً، إضافة أن إخضاع رواة الشيعة للجرح والتعديل سوف تكون النتيجة رد ورفض تعديل وتوثيق المعصومين بعض الرواة الذين شهدوا لهم بالوثاقة. (وسائل الشيعة 20/101).

ويعترف الحر العاملي بأن علمائه الذين استعاروا التقسيم من أهل السنة متناقضون في تطبيق قواعده ومنهجيته، يقول 20/99: "إن رئيس الطائفة (يقصد الطوسي) في كتاب الأخبار وغيره من علمائنا إلى وقت حدوث الاصطلاح الجديد بل بعده كثيراً ما يطرحون الأحاديث الصحيحة عند المتأخرين ويعملون بأحاديث ضعيفة على اصطلاحهم، فلولا ما ذكرناه لما صدر ذلك منهم عادة، وكثيراً ما يعتمدون على طرق ضعيفة مع تمكنهم من طرق أخرى صحيحة كما صرّح به صاحب المنتقى وغيره، وذلك ظاهر في صحة تلك الأحاديث بوجوه أُخر من غير اعتبار الأسانيد، ودال على خلاف الاصطلاح الجديد".

وشنّ الحر العاملي هجوماً عنيفاً على رئيس طائفته المسمى "الطوسي" واعتبره متناقض في كلامه في التضعيف والتصحيح، فيقول (20/111): فإن قلت: إن الشيخ كثيراً ما يضعف الحديث، معلّلاً بأن راويه ضعيف. وأيضاً يلزم كون البحث عن أحوال الرجال عبثاً، وهو خلاف إجماع المتقدمين والمتأخرين بل النصوص عن الأئمة كثيرة في توثيق الرجال وتضعيفهم. قلت: أما تضعيف الشيخ بعض الأحاديث بضعف راويه فهو تضعيف غير حقيقي، ومثله كثير من تعليلاته كما أشار صاحب المنتقى في بعض مباحثه، حيث قال: والشيخ مطالب بدليل ما ذكره إن كان يريد بالتعليل حقيقته وعذره.... وأيضاً فإنه يقول (أي الطوسي): هذا ضعيف لأن راويه فلان ضعيف، ثم نراه يعمل برواية ذلك الراوي بعينه، بل برواية من هو أضعف منه في مواضع لا تحصى وكثيراً ما يُضعّف الحديث بأنه مرسل ثم يستدل بالحديث المرسل، بل كثيراً ما يعمل بالمراسيل وبرواية الضعفاء وردّ المسند ورواية الثقات، وهو صريح في المعنى ومنها من نصّوا على مدحه وجلالته وإن لم يوثقوه مع كونه من أصحابنا.

ويقول يوسف البحراني في "الحدائق الناضرة" 1/14: "قد صرّح جملة من أصحابنا المتأخرين بأن الأصل في تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة المشهورة هو العلامة أو شيخه جمال الدين بن طاووس، وأما المتقدمون فالصحيح عندهم هو ما اعتضد بما يوجب الاعتماد عليه من القرائن والإمارات التي ذكرها الشيخ في العدة".

وبما أن البحراني يعتقد بصحة جميع أخبار الشيعة لاسيما في المذكورة الأربعة عندهم، فإنه يستهجن هذا التقسيم لما له من آثار سلبية عظيمة تتصل بمروياتهم، حيث إنه من الحتمي توهين تلك المرويات إذا هي أُخضعت تحت مجهر التقسيم والبحث في حال الرواة ولا يبقى لديهم ما يحتجون به وعلّل ذلك بقوله (الحدائق الناضرة 1/15-16): لنا على بطلان هذا الاصطلاح وصحة أخبارنا وجوه: (الأول): ما قد عرفت في المقدمة الأولى من أن منشأ الاختلاف في أخبارنا إنما هو التقية من ذوي الخلاف لا من دس الأخبار المكذوبة حتى يحتاج إلى هذا الاصطلاح. على أنه متى كان السبب الداعي إنما هو دس الأحاديث المكذوبة كما توهموه ففيه أنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم".

فاختلاف الأخبار إنما هو نتيجة التقية – التي هي مصدر كل بلاء عند الشيعة – وليس ما دسّه الكذابون، وعملية الدس وهم لا حقيقة لها عند البحراني يردّ عليه تصريح أئمته المزعومين ونقل علماء الرجال كما سيأتي بيانه في هذه المقدمة، فقول البحراني أو هي من بيت العنكبوت وهو مناقض لما هو مشهور في كتب الرافضة قديمها وحديثها. ولعل نزعته الإخبارية فرضت عليه هذا الادعاء الفارغ. وإذا عملية الاختلاف ناشئة من التقية، فهل يستطيع الشيعة تمييز ما هو تقية وما هو ليس بتقية؟. ولم يستطع الشيعة الخروج من ذلك إلا أن قالوا: كل ما وافق أهل السنة فهو تقية، وما عدا ذلك فهو صحيح وجب العمل به، وسيأتي بيان ذلك في هذه المقدمة.

وينعى البحراني على قدماء الشيعة الذين استعاروا التقسيم، وعملهم بعلم الجرح والتعديل – رغم إن هذ ادعاء وليس له في الواقع أدنى نصيب – الناشئ من عملية التقسيم، حيث إنهم لم يستطيعوا أو بمعنى أصح عجزوا عن تطبيقه في تصحيح ما صححوا من الأخبار، فيقول (الحدائق 1/17): إن التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويع الأخبار إنما أخذوه من القدما، وكذلك الأخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذم إنما أخذوه عنهم. فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيح ما صححوا من الأخبار واعتمدوه وضمنوا صحته كما صرّح جملة منهم. كما لا يخفى على من لاحظ ديباجتي الكافي والفقيه وكلام الشيخ في العدة وكتابي الأخبار، فإن كانوا عدولاً في الأخبار بما أخبروا به ففي الجميع".

فالذي يمكن استخلاصه من كلام البحراني أن علماء الشيعة الذين قلدوا أهل السنة في هذا العلم لا حظ لهم في التطبيق بل إن كلامهم مجموعة تناقضات بعضها فوق بعضها لا يكاد العاقل يثق بما توصلوا إليه، وهذا نتيجة طبيعية لأكاذيب اعتقدها المبطلون وروّجوا لها وأصبحت ديناً يدين بها من لا عقل له.

يقول الشيخ عبد الله الأثري حفظه الله وزاده علماً: "يلحظ أن بداية تقويم الشيعة للحديث وتقسيمه إلى صحيح وغيره قد كانت في القرن السابع، - مع أن بداية دراسة أحوال الرجال عندهم كانت في القرن الرابع كما مر – وجاءت متوافقة مع حملة شيخ الإسلام ابن تيمية عليهم في منهاج السنة حينما شنع على الشيعة قصورهم في معرفة علم الرجال، حيث اعترفوا بأن هذا الاصطلاح – وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وموثق وضعيف، مستحدث في زمن العلامة. [وسائل الشيعة ج20/100]. (والعلامة إذا أطلق في كتب الشيعة يقصد به ابن المطهر الحلي الذي رد عليه شيخ الإسلام). وقد اعترف شيخهم "الحر العاملي" بأن سبب وضع الشيعة لهذا الاصطلاح واتجاههم للعناية بالسند هو النقد الموجه لهم من أهل السنة فقال: "والفائدة في ذكره – أي السند – دفع تعيير العامة – يعني أهل السنة – الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم" [وسائل الشيعة ج20/100]. ويؤكد شيخهم الحر العاملي أن الاصطلاح الجديد (وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وغيره) والذي وضعه ابن المطهر هو محاولة لتقليد أهل السنة حيث قال: "والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع" [وسائل الشيعة ج20/100]. وهذا يفيد تأخر الشيعة في الاهتمام بهذه القضية وأن الدافع لذلك ليس هو الوصول إلى صحة الحديث بقدر ما هو توقي نقد المذهب من قبل الخصوم والدفاع عنه لذلك فعلم الجرح والتعديل عندهم مليء بالتناقضات والاختلافات حتى قال شيخهم الفيض الكاشاني: "في الجرح والتعديل وشرايطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس كما لا يخفى على الخبير بها" [الوافي ج1/11-12]. وهذه الاعترافات الخطيرة من الكاشاني، والحر العاملي لم تظهر إلا في ظل الخلاف الذي دار ويدور بين الإخباريين والأصوليين، والذي ارتفعت فيه التقية لا سيما وأن في الشيعة – كما يقول الكافي – خصلتين النـزق وقلة الكتمان. ومنهج التصحيح والتضعيف الذي وضعه المتأخرون إن طبقوه لم يبق معهم من حديثهم إلا القليل، كما كشف ذلك شيخهم يوسف البحراني (ت1186ه‍) حيث قال: "الواجب إما الأخذ بهذه الأخبار، كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار، أو تحصيل دين غير هذا الدين، وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها؛ لعدم الدليل على جملة أحكامها، ولا أراهم يلتزمون شيئاً من الأمرين، مع أنه لا ثالث لهما في البيّن وهذا بحمد الله ظاهر لكل ناظر، غير متعسف ولا مكابر" [لؤلؤة البحرين: 47]. فهذا نص مهم يكشف حقيقة أخبارهم في ضوء علم الجرح والتعديل الخاص بهم، وأنم لو استخدموه بدقة لسقطت معظم رواياتهم، وليس لهم إلا الأخذ برواياتهم بدون تفتيش، كما فعل قدماؤهم وقبلوها بأكاذيبها وأساطيرها، أو البحث عن مذهب سوى مذهب الشيعة؛ لأن مذهبهم ناقص لا يفي بمتطلبات الحياة".

ويعترف الشيعة أنفسهم بأنه لم يكن لهم أي إسهام فكري في علم الحديث الشريف وإنما اقتبسوا ذلك – كعادتهم – من أهل السنة وإن أول من صنّف في الدراية من الشيعة تقليداً لأهل السنة هوزين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني الهالك سنة 965ه‍، وفي ذلك يقول الحائري في كتابه "مقتبس الأثر" 3/73: "ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني وإنما هو من علوم العامة".

ورغم تتبعي لمصنفات الشيعة إلا إنني وللأسف الشديد لم أعثر على مصنف واحد أو رسالة صغيرة مفردة للأحاديث الضعيفة والموضوعة بخلاف أهل السنة فإن المكتبة الإسلامية مكتظة بمصنفاتهم قديماً وحديثاً بأمثال هذه المصنفات، ولكن العجب يزول بالنسبة للشيعة وذلك أن مذهبهم بُني على الأكاذيب والأوهام، فإن هم قاموا بتصنيف كتاب يحوي الأحاديث الضعيفة والموضوعة إنهار دينهم، والمحاولة التي قام بها المجلسي لكتاب الكافي في كتابه "مرآة العقول" حيث قام بتضعيف مئات المرويات، إنما هي بدون ضابط ولا ميزان دقيق، حيث إنه قام بتضعيف تلك الروايات ولكنه ذكرها هي بعينها في مصنفاته دون أن يبين أنها ضعيفة، لذا فإن المسلم يحتار في معرفة طريقة الشيعة في التصحيح والتضعيف والعجيب أن يحتجون بمرويات الذين يكفرونهم إذا كانت مؤيدة لما يعتقدون. لذا فإن علم الحديث دراية ورواية لا ضابط له عند الشيعة وهم معذرون فيه لأن جلّ مروياتهم لا تصمد تحت مجهر علم الحديث.

يقول العلامة الألوسي (مختصر التحفة الإثني عشرية ص32): "ومن مكايدهم أن جماعة من علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث أولاً، وسمعوا الأحاديث من ثقات المحدثين من أهل السنة فضلاً عن العوام. ولكن الله سبحانه وتعالى قد تفضّل على أهل السنة فأقام من يميّز بين الطيب والخبيث، وصحيح الحديث وموضوعه، حتى إنهم لِمَ لَمْ يخف عليهم وضع كلمة واحدة من الحديث الطويل. ومن مكايدهم أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند السنة، فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتدّ بروايته، كالسدّي: فإنهما رجلاً أحدهما السدّي الكبير، والثاني السدّي الصغير، فالكبير من ثقات أهل السنة، والصغير من الكذابين وهو رافضي غالٍ. وعبد الله بن قتيبة رافضي غال وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة وقد صنّف كتاباً سمّاه المعارف، فصنّف ذلك الرافضة كتاباً وسمّاه بالمعارف أيضاً قصداً للإضلال".

وأهل البيت رضوان الله عليهم طالماً اشتكوا من الكذابين على لسانهم من رواة الشيعة، فهذا جعفر الصادق رحمه الله تعالى يقول: كان المختار يكذب على علي بن الحسين (رجال الكشي 115) ومع تكذيب الصادق للمختار فإن الشيعة يزعمون أن مهر أم الصادق كان مما بعث به المختار (رجال الكشي 116). ويكذبون على الصادق أنه قال: ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين (رجال الكشي 116).

وكان علي بن الحسين رحمه الله تعالى على معرفة تامة بحال المختار وبكذبه على أهل البيت، وكان لا يقبل هداياه ولا يقرأ رسائله: عن يونس بن يعقوب عن أبي جعفر (ع) قال: كتب المختار بن أبي عبيدة إلى علي بن الحسين (ع) وبعث إليه بهدايا من العراق، فلما وقفوا على باب علي بن الحسين، دخل الآذن يستأذن لهم، فخرج إليهم رسوله، فقال: أميطوا عن بابي، فإني لا أقبل هدايا الكذابين ولا أقرأ كتبهم (رجال الكشي 116).

ومن الكذابين على أهل البيت أبي هارون المكفوف وهو من المشاهير في هذا المجال: عن محمد بن أبي عمير حدثنا بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد الله (ع): زعم أبو هارون أنك قلت له: إن كنت تريد القديم فذاك لا يدركه أحد، وإن كنت تريد الذي خلق ورزق فذاك محمد بن علي. فقال: كذب عليّ لعنه الله. (رجال الكشي 194، نقد الرجال للتفرشي 5/237).

وأيضاً المغيرة بن سعيد يكذب على بعض أئمة الشيعة المزعومين: عن أبي يحيى الواسطي قال: قال أبو الحسن الرضا (ع): كان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر فأذاقه الله حرّ الحديد (رجال الكشي 194).

وفي رواية أخرى عن ابن مسكان عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: لعن الله المغيرة بن سعيد إنه كان يكذب على أبي فأذاقه الله حرّ الحديد، لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا([1]) ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا وبيده نواصينا([2]).

والدس والتزوير على لسان أئمتهم المزعومين مشهور جداً لدرجة أن الشيعة عرض على إمامه المزعوم بعض الروايات التي يزعمون أنها من مروياتهم فأنكر الكثير منها (رجال الكشي 195).

وصدق جعفر الصادق رحمه الله تعالى حيث قال: "إن ممن ينتحل هذا الأمر لمن هو شرٌّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا" (رجال الكشي 252).

* * * * *

ومن العجب العجاب أن يعيب الرافضة على بعض الصحابة كثرة مروياتهم عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مثل أبي هريرة رضي الله عنه بينما نجد أن بعض رواة الشيعة فاق أبا هريرة رضي الله عنه في المرويات.

فهذا راوي الإفك والضلال أبان بن تغلب روى ثلاثين ألف رواية عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى([3]).

وأيضاً محمد بن مسلم فيذكرون أنه سمع من الباقر ثلاثين ألف حديث ومن الصادق ستة عشر ألف حديث([4]) مع العلم بأنه ملعون على لسان أئمة الشيعة.

وكذلك جابر الجعفي فيقولون أنه روى عن الباقر سبعين ألف حديث وعن باقي الأئمة مائة وأربعين ألف حديث([5]) مع أنه لم يدخل على الصادق مرة واحدة ولم يراه عند أبيه إلا مرة واحدة: عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن أحاديث جابر. فقال: ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة وما دخل عليّ قط([6]).

ولنا أن نتساءل عن كثرة مروياته عن الصادق وأبيه، وهو لم يدخل إلا مرة واحدة على والد الصادق، ويزعم الجعفي أنه روى خمسين ألف حديث ما سمع منه تلك المرويات أحد([7]) وإنما كان يذهب إلى الجبال فيحفر حفرة ويُدلّ رأسه فيها ويقول: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا([8])..

ونضع بين يدي القارئ نماذج من رواة الشيعة الذين يتعاطون المسكرات ورغم ذلك فإن مروياتهم عند الشيعة مقبولة:

1 – عوف العقيلي: عن فرات بن أحنف قال: العقيلي كان من أصحاب أمير المؤمنين (ع) وكان خمّاراً ولكنه يؤدي الحديث كما سمع (رجال الكشي 90، معجم رجال الحديث 11/160، مجمع الرجال 1/290، تنقيح المقال 2/355).

ولا ندري كيفية تأديته للحديث، هل في حالة السكر؟ أم بعد أن يفيق؟.

2 – أبو حمزة الثمالي: ثابت بن دينار: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: كنت أنا وعامر بن عبد الله بن جذاعة الأزدي وحجر بن زائدة جلوساً على باب الفيل إذ دخل علينا أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار، فقال لعامر بن عبد الله: يا عامر أنت حرّشت (أغريته) عليّ أبا عبد الله فقلت: أبو حمزة يشرب النبيذ. فقال له عامر: ما حرّشت عليك أبا عبد الله ولكن سألت أبا عبد الله عن المسكر. فقال: كل مسكر حرام. وقال: لكن أبا حمزة يشرب. قال: فقال أبو حمزة: أستغفر الله وأتوب إليه (رجال الكشي 176-177، معجم رجال الحديث 3/389-390، التحرير الطاووسي 63، تنقيح المقال 1/191).

وقال علي بن الحسن بن فضّال: وكان أبو حمزة يشرب النبيذ ومتهم به (مجمع الرجال 1/289، معجم رجال الحديث 3/389، تنقيح المقال 1/191).

وهذا الخمّار ثقة عند الشيعة، فقد نص على توثيقه كثيرٌ من علماء الشيعة مثل: الطوسي في "الفهرست" ص70 ترجمة رقم 138، القهبائي في "مجمع الرجال" 1/289، الأردبيلي في "جامع الرواة" 1/134 ترجمة رقم 1072، الكشي في رجاله ص176 ترجمة رقم 81، حسن ابن الشهيد الثاني في "التحرير الطاووسي" ص61 ترجمة رقم 67، الحر العاملي في "وسائل الشيعة" 20/149 ترجمة رقم 207، عباس القمي في "الكنى والألقاب" 1/118، المامقاني في "تنقيح المقال" 1/189 ترجمة رقم 1494، الحلّي في "رجاله" القسم الأول ص59 ترجمة 277، الخوئي في "معجم رجال الحديث" 3/385 ترجمة رقم 1953 .

3 -  عبد الله بن أبي يعفور: وهو من ثقات الرافضة ويذكرون أن الصادق رحمه الله تعالى قال فيه: "ما أحد أدى إلينا ما افترض الله عليه فينا إلا عبد الله بن أبي يعفور" (رجال الكشي 215، تنقيح المقال 2/166، معجم رجال الحديث 10/99، جامع الرواة 1/467).

وفي رواية أخرى: "إني ما وجدت أحداً يطيعني ويأخذ بقولي إلا رجلاً واحداً: عبد الله بن أبي يعفور، فإني أمرته وأوصيته بوصية فاتبع أمري وأخذ بقولي" (رجال الكشي 215، تنقيح المقال 2/166، معجم رجال الحديث 10/99، جامع الرواة 1/467).

ومع ذلك فإنه يتعاطى المسكرات ويتمادى في شربه: عن ابن مسكان عن ابن أبي يعفور قال: كان إذا أصابته هذه الأوجاع، فإذا اشتدت به شرب الحسو من النبيذ فسكن عنه، فدخل على أبي عبد الله فأخبره بوجعه، وأنه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه. فقال له: لا تشرب. فلما أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه، فأقبل أهله فلم يزالوا به حتى شرب، فساعة شرب منه سكن عنه، فعاد إلى أبي عبد الله فأخبره بوجعه وشربه. فقال له: يا ابن أبي يعفور لا تشرب فإنه حرام، إنما هو الشيطان موكل بك، ولو قد يئس منك ذهب (رجال الكشي 214، تنقيح المقال 2/166، معجم رجال الحديث 10/98).

 

والكتاب الذي بين يديك أخي القارئ مستل من كتاب "مختصر التحفة الاثني عشرية" للسيد محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى وغفر له 47-69 "الباب الثاني في بيان أقسام أخبار الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلافهم وما يتبع ذلك"، بتحقيق وتعليق العلامة السيد محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى وجزاه الله تعالى خير الجزاء على ما قدّم من أسفار نفيسة أغنى بها المكتبة الإسلامية. حيث قمت بالتعليق عليه بما تيسر من تلعيقات توضّح بعض المبهمات والترجمة لبعض الذين ورد ذكرهم في هذه الرسالة ليكون المسلم المعاصر على علم بخبايا أخبار الشيعة وأحوال رواتها وأيضاً لإثبات أن الشيعة دخلاء على هذا العلم الغزير الذي تسولوه من أهل السنة ولكن للأسف لم يُحسنوا استخدامه وتطبيقه، وما اجترأ كاتب هذه السطور – وهو ما يزال طويلب علم بل أقل من ذلك – على التعليق على هذا الكلام القيم إلا لما تقاعس أهل العلم عن القيام بالمهمة المناطة بهم، فإن وجد القراء الكرام تقصيراً في ذلك فلي العذر في ذلك، ورغم بحثي وتنقيبي وقراءتي لكتب الشيعة قديمهما وحديثها قرابة عقدين ونصف من عمري إلا أنني أشعر بأنني لم أتجاوز الحروف الأولى من الأبجدية الشيعية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبيك الكريم وعلى آله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أبو عبد الرحمن

محمد مال الله

1 ربيع الثاني 1422ه‍

 


أقسـام أخبار الشـيعة

أما أقسام أخبارهم فاعلم أن أصولهم عندهم أربعة: صحيح وحسن وموثق وضعيف.

أما الصحيح: فكل ما اتصل رواته بالمعصوم بواسطة عدل إمامي([9]). وعلى هذا فلا يكون المرسل([10]) والمنقطع داخلاً في الصحيح لعدم اتصالهما وهو ظاهر، مع أنهم يطلقون عليهما لفظ الصحيح، كما قالوا: روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا وكذا. ولا يعتبرون العدالة في إطلاق الصحيح، فإنهم يقولون: رواية المجهول الحال صحيحة كالحسين بن الحسن بن أبان فإنه مجهول الحال نص عليه الحلي في "المنتهى" مع أنها مأخوذة في تعريفه. وكذا لا يعتبر عندهم كون الراوي إمامياً في إطلاق الصحيح فقد أهملوا قيود التعريف كلها.

وأيضاً قد حكموا بصحة حديث من دعا عليه المعصوم بقول: أخزاه الله وقاتله الله، أو لعنه أو حكم بفساد عقيدته أو أظهر البراءة منه.

وحكموا أيضًا بصحة روايات المشبّهة والمجسّمة ومن جوّز البداء([11]) عليه تعالى، مع أن هذه الأمور كلها مكفرة، ورواية الكافر غير مقبولة فضلاً عن صحتها، فالعدالة غير معتبرة عندهم وإن ذكروها في تعريف الصحيح، لأن الكافر لا يكون عدلاً البتة.

وحكموا أيضاً بصحة الحديث الذي وجدوه في الرقاع([12]) التي أظهرها ابن بابويه مدعياً أنها من الأئمة. ورووا عن الخطوط التي يزعمون أنها خطوط الأئمة، ويرجحون هذا النوع على الروايات الصحيحة الإسناد عندهم.

هذا حال حديثهم الصحيح الذي هو أقوى الأقسام الأخرى وأعلاها.

وأما "الحسن" فهو عندهم ما اتصل رواته بالمعصوم بواسطة إمامي ممدوح من غير نص على عدالته. وعلى هذا فلا يكون المرسل والمنقطع داخلين في تعريف الحسن([13]) أيضاً. من أن إطلاقه عليهما شائع عندهم حيث صرح فقهاؤهم أن رواية زرارة في مفسد الحج إذا قضاه في عام آخر حسن، مع أنها منقطعة.

ويطلقون لفظ الحسن على غير الممدوح حيث قال ابن المطهر الحلي طريق الفقيه إلى منذر بن جيفر([14]) حسن مع أنه لم يمدحه أحد من هذه الفرقة.

وأما (الموثق) ويُقال له (القوي) أيضاً فكل ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته وسلامة باقي الطريق عن الضعف([15])، مع أنهم أطلقوا الموثق أيضاً على طريق الضعيف، كالخبر الذي رواه السكوني عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين، وكذا أطلقوا القوي على رواية نوح بن دراج([16]) وناجية بن أبي عمارة الصيداوي([17]) وأحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري مع أنهم إمامية ولكنهم ليسوا بممدوحين ولا مذمومين.

وأما (الضعيف) فكل ما اشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال([18]).

واعلم أن العمل بالصحيح واجب عندهم اتفاقاً، مع أنهم يروون بعض الأخبار الصحيحة ولا يعملون بموجبها، كما روى زرارة عن أبي جعفر قال: إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: أطعموا الجدّة السُّدس ولم يفرض الله له شيئاً([19]). وهذا خبر موثق. وروى سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن الكاظم قال: سألته عن بنات الابن والجدة. فقال: للجدة السدس، والباقي لبنات الابن وهذا خبر صحيح عندهم، فهم يقولون ما لا يفعلون.

ثم اعلم أن أكثر علماء الشيعة كانوا يعملون سابقاً بروايات أصحابهم بدون تحقيق وتفتيش، ولم يكن فيهم من يميز رجال الإسناد، ولا من ألّف كتاباً في الجرح والتعديل، حتى صنّف الكشي سنة أربعمائة تقريباً كتاباً في أسماء الرجال وأحوال الرواة، وكان مختصراً جداً لم يزد الناظر فيه إلا تحيراً. لأنه أورد فيه أخباراً متعارضة في الجرح والتعديل ولم يمكنه ترجيح أحدها على الآخر([20]).

ثم تكلم الغضائري في الضعفاء والنجاشي وأبو جعفر الطوسي في الجرح والتعديل وصنفوا فيه كتباً طويلة. ولكنهم أهملوا فيها توجيه التعارض بالمدح والقدح ولم يتيسر لهم ترجيح أحد الطرفين، ولهذا منع صاحب (الدراية) تقليدهم في باب الجرح والتعديل.

 

الأدلة عند الشـيعة

اعلم أن الأدلة عندهم أربعة: كتاب، وخبر، وإجماع، وعقل.

أما (الكتاب) فهو القرآن المنـزل الذي لم يبق حقيقاً بأن يستدل به بزعمهم الفاسد، لأنه لا اعتماد على كونه قرآناً إلا إذا أُخذ بواسطة الإمام المعصوم، وليس القرآن المأخوذ من الأئمة موجوداً في أيديهم، والقرآن المعروف غير معتدّ به عند أئمتهم بزعمهم([21]) وأنه لا يليق بالاستدلال به لوجهين: الأول: لما روي جماعة من الإمامية عن أئمتهم أن القرآن المنـزل وقع فيه تحريف في كلماته عن مواضعها، بل أسقط منه بعض السور([22]) وترتيبه هذا أيضاً غير معتدّ لكونه متغيراً عن أصله، وما هو موجود الآن في أيدي المؤمنين هو مصحف عثمان الذي كتبه([23]) وأرسل منه سبع نسخ إلى أطراف العالم وألجأ الناس على قبوله وقراءته على ما رتبه وآذى من خالف ذلك، فلا يصح التمسك به ولا يعتمد على نظمه من العام والخاص والظاهر والنص ونحوها، لأنه يجوز أن يكون هذا القرآن الذي بين أيدينا كله أو أكثره منسوخاً بالآيات أو السور التي أسقطت منه أو مخصوصاً بها.

الثاني: أن نقلة هذا القرآن مثل ناقلي التوراة والإنجيل، لأن بعضهم كانوا منافقين كالصحابة العظام والعياذ بالله تعالى، وبعضهم كانوا مداهنين في الدين كعوامّ الصحابة فإنهم تبعوا رؤساءهم أي بزعمهم طمعاً في زخارف الدنيا، فارتدوا عن الدين كلهم إلا أربعة أو ستة([24])، فغيّروا خطاب الله تعالى، فجعلوا مثلاً مكان (من المرافق)، { إِلَى الْمَرَافِقِ }([25]) ومكان (أئمة هي أزكى)، { أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ }.

فكما أن التوراة والإنجيل لا يُعمل بهما أصلاً فكذلك هذا القرآن، وكما أن التوراة والإنجيل نُسخاً بالقرآن المجيد فكذلك القرآن نُسخت أشياء كثيرة منه ولا يُعلم نواسخها إلا الأئمة الثلاثة.

وأما الخبر فقد مرّ بيانه مفصلاً فتذكر. ثم إن ناقل الخبر إما من الشيعة أو غيرهم، ولا اعتبار لغيرهم أصلاً، لأن الصدر الأول من غيرهم([26]) الذي هو منتهى الأسانيد كانوا مرتدين ومحرفين كتاب الله تعالى ومعادين أهل بيت النبوة. فلابد أن يكون من الشيعة، وبين الشيعة اختلاف كثير في أصل الإمامة وتعيين الأئمة وعددهم، ولا يمكن إثبات قول من أقوالهم إلا بالخبر، لأن كتاب الله تعالى لا اعتماد عليه، ومع ذلك فهو ساكت عن هذه الأمور، فلو توقف ثبوت الخبر وحجّيته على ثبوت ذلك القول لزم الدور الصريح وهو محال.

وأما (الإجماع) فباطل أيضاً، لأن كونه حجة ليس بالأصالة بل لكون قول المعصوم في ضمنه، فمدار حُجّيته على قول المعصوم لا على نفس الإجماع، وثبوت عصمة الإمام وتعيينه إما بخبره أو بخبر معصوم آخر، فقد جاء الدور الصريح أيضاً.

وأيضاً إجماع الصدر الأول والثاني – يعني قبل حدوث الاختلاف في الأمة – غير معتبر، لأنهم أجمعوا على: خلافة أبي بكر وعمر، وحرمة المتعة([27])، وتحريف الكتاب، ومنع ميراث النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وغصب فَدَك من البتول([28]). وبعد حدوث الاختلاف في الأمة وتفرّقهم بفرق مختلفة كيف يتصور الإجماع، ولا سيما في المسائل الخلافية المحتاجة إلى الاستدلال وإقامة الحجة القاطعة.

وأما (العقل) فهو باطل أيضاً لأن التمسك به إما في الشرعيات أو غيرها، فإن كان في الشرعيات فلا يصح التمسك به عند هذه الفرقة أصلاً، لأنهم منكرون أصل القياس ولا يقولون بحجّيته.

وأما في غير الشرعيات فيتوقف العقل على تجريده عن شوائب الوهم والإلف والعادة والاحتراز عن الخطأ في الترتيب والفكر في صورة الأشكال، وهذه الأمور لا تحصل إلا بإرشاد إمام، لأن كل فرقة من طوائف بني آدم يثبتون بعقولهم أشياء وينكرون أشياء أُخر، وهم متخالفون فيما بينهم بالأصول والفروع، ولا يمكن الترجيح بالعقل فقد، فالتمسك إذن بقول الإمام، ومع ذلك لا يمكن إثبات الأمور الدينية بالعقل الصرف لأنه عاجز عن معرفتها تفصيلاً بالإجماع. نعم يمكنه معرفتها إذا كان مستمداً من الشريعة.

وهاهنا فائدة جليلة لها مناسبة مع هذا المقام، وهي أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إني تارك فيكم الثقلين، فإن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي" وهذا الحديث ثابت عند الفريقين أهل السنة والشيعة، وقد علم منه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمرنا في المقدمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسك بهذين العظيمي القدر والرجوع إليهما في كل أمر، فمن كان مذهبه مخالفاً في الأمور الشرعية اعتقاداً وعملاً فهو ضال، مذهبه باطل وفاسد لا يُعبأ به. ومن جحد بهما فقد غوى، ووقع في مهاوي الردى.

وليس المتمسك بهذين الحبلين المتينين إلا أهل السنة، لأن كتاب الله ساقط عند الشيعة عن درجة الاعتبار([29]) كما سبق بيانه قريباً، وقد روى الكليني عن هشام بن سالم([30]) عن أبي عبد الله أن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلَّى الله عليه وسلَّم سبعة عشر ألف آية([31]). وروى عن محمد نصر أنه قال في { لم يكن } اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم([32]).

وروي عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أسمعه حروفاً من القرآن ليس مما يقرأه الناس. فقال أبو عبد الله: مه اكفف عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم اقرأ كتاب الله على حده([33]).

وروى الكليني وغيره عن الحكم بن عتيبة قال قرأ علي بن الحسين {وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث} قال: وكان علي بن أبي طالب محدّثاً([34]).

وروي عن محمد بن الجهم وغيره عن أبي عبد الله أن {أمة هي أربى من أمة} ليس كلام الله، بل محرّف عن موضعه، والمُنـزّل {أئمة هي أزكى من أئمتكم}.

وقد تقرّر عندهم أن سورة (الولاية) سقطت([35]) وكذا أكثر {سورة الأحزاب}([36]) فإنها كانت مثل {سورة الأنعام} فأسقط منها فضائل أهل البيت وأحكام إمامتهم. وأُسقط لفظ {ويلك} قبل قوله تعالى {لا تحزن إن الله معنا}([37]) وكذا أُسقط لفظ {بعلي بن أبي طالب} بعد قوله تعالى {وكفى الله المؤمنين القتال}([38]) وكذا لفظ {آل محمد} الواقع بعد {ظلموا} من قوله تعالى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}([39]) إلى غير ذلك من الأقوال والترهات.

وأما العترة الشريفة فهي بإجماع أهل اللغة تُقال لأقارب الرجل، والشيعة ينكرون نسبة بعض العترة كرقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم([40]).

ولا يعدون بعضهم داخلاً في العترة كالعباس([41]) عم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأولاده كالزبير بن صفية عمة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بل يبغضون أكثر أولاد فاطمة رضي الله تعالى عنهم ويسبونهم كزيد بن علي بن الحسين الذي كان عالماً متقياً([42]) وكذا يحيى ابنه وكذا إبراهيم وجعفر ابني موسى الكاظم ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه من كبار أولياء الله تعالى.

ولقبوا أيضاً جعفر بن علي أخا الإمام العسكري بالكذاب، ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى وابنه عبد الله المحض وابنه محمداً الملقب بالنفس الزكية ارتدوا وحاشاهم من كل سوء.

وكذلك يعتقدون في إبراهيم بن عبد الله وزكريا بن محمد الباقر ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ومحمد بن القاسم بن الحسن ويحيى بن عمر الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين، وكذلك يعتقدون في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة التي يعتقدونها في حق العترة الطاهرة، نعوذ بالله من جميع ذلك، ونبرأ إليه جلّ شأنه من سلوك هاتيك المسالك.

فقد بان لك أن الدين عند هذه الطائفة الشنيعة قد انهدم بجميع أركانه وانقضّ ما تشيّد من محكم بنيانه، حيث إن كتاب الله تعالى قد سبق لك اعتقادهم فيه وعدم اعتمادهم على ظاهره وخافيه، ولا يمكنهم أيضاً التمسك بالعترة المطهرة بناء على زعمهم الفاسد من أن بعضهم كانوا كفرة.

 

طبقات الشيعة

وأما أحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلاف الشيعة، وأصول الضلالات كانوا عدة طبقات:

الطبقة الأولى: هم الذين استفادوا هذا المذهب بلا واسطة، من رئيس المضلين إبليس اللعين وهؤلاء كانوا منافقين، جهروا بكلمة الإسلام وأضمروا في بطونهم عداوة أهله، وتوصلوا بذلك النفاق إلى دخول في زمرة المسلمين والتمكن من إغوائهم وإيقاع المخالفة والبغض والعناد فيما بينهم، ومقتداهم على الإطلاق عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني([43]) الذي كان شراً من إبليس وأعرف منه في الإضلال والتضليل، وأقدم منه في المخادعة والغرور بل شيخه في المكر والشرور، وقد مارس زماناً في اليهودية فنون الإغواء والإضلال وسعى مجتهداً في طرق الزور والاحتيال فأضل كثيراً من الناس واستزل جماً غفيراً أطفأ منهم النبراس، وطفق يغير عقائد العوام ويموه عليهم الضلالات والأوهام، فأظهر أولاً محبة كاملة لأهل البيت النبوي، وحرض الناس على ذلك الأمر العلي، ثم بين وجوب لزوم جانب الخليفة الحق وأن يُؤثر على غيره، وأن ما عداه من البغاة فاستحسنه جمّ من العوام الغفير، وقبله ناس من الجهلة كثيرون، فأيقنوا بصلاحه واعتقدوا بإرشاده ونصحه.

ثم فرّع على ذلك فروعاً فاسدة وجزئيات كاسدة فقال: إن الأمير رضي الله عنه هو وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأفضل الناس بعده وأقربهم إليه، واحتج على ذلك بالآيات الواردة في فضائله والآثار المروية في مناقبه، وضم إليها من موضوعاته وزاد عليها من كلماته وعباراته.

فلما رأى أن ذلك الأمر قد استقر في أذهان أتباعه واستحكمت هذه العقيدة في نفوس أشياعه ألقى إلى بعض هؤلاء ممن يعتمد عليه أن الأمير وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم استخلفه بنص صريح، وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} الآية([44])، ولكن الصحابة قد ضيعوا وصيته عليه الصلاة والسلام وغلبوا الأمير بالمكر والزور وظلموه فعصوا الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم وارتدوا عن الدين - إلا القليل منهم - محبة في الدنيا وطمعاً في زخارفها.

واستدل على ذلك بما وقع بين فاطمة رضي الله تعالى عنها وبين أبي بكر رضي الله عنه في مسألة فدك([45]) إلى أن ينتهي الأمر إلى الصلح. ثم أوصى أتباعه بكتمان هذا الأمر وعدم نسبته إليه وقال: "لا تظهروا للناس أنكم أتباعي لأن غرضي إظهار الحق والهداية إلى الطريق المستقيم دون الجاه والشهرة عند الناس".

فمن تلك الوسوسة ظهر القيل والقال ووقع بين المسلمين التفرّق والجدال، وانتشر سب الصحابة الكرام وذاع الطعن فيهم من أولئك الطغام، حتى إن الأمير رضي الله عنه قد خطب فوق المنبر خطباً كثيرة في ذم هؤلاء القوم وأظهر البراءة منهم وأوعد بعضهم بالضرب والجلد.

فلما رأى ابن سبأ أن سهمه هذا أيضاً قد أصاب هدفاً واختلّت ذلك عقائد أكثر المسلمين اختار أخص الخواص من أتباعه وألقى إليهم أمراً أدهى من الأول وأمرّ، وذلك بعد أن أخذ عليهم ميثاقاً غليظاً أن الأمير رضي الله عنه يصدر منه ما لا يقدر عليه البشر من قلب الأعيان، والإخبار بالمغيبات، وإحياء الموتى([46])، وبيان الحقائق الإلهية والكونية، وفصاحة الكلام، والتقوى والشجاعة، والكرم، إلى غير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فهل تعلمون منشأ هذه الأمور؟

فلما أظهروا العجز عن ذلك قال لهم: إن هذه كلها من خواص الألوهية التي تظهر في بعض المظاهر، ويتجلّى اللاهوت في كسوة الناسوت، فاعلموا أن علياً هو الله، ولا إله إلا هو.

فلما وصلت هذه المقالة إلى الأمير رضي الله عنه أهدر دماء تلك الطائفة وتوعدهم بالإحراق في النار، واستتابهم فأجلاهم إلى المدائن، فلما وصلوا إليها أشاعوا تلك المقالة الشنيعة.

وأرسل ابن سبأ بعض أتباعه إلى العراق وأذربيجان، ولما لم يستأصلهم أمير المؤمنين رضي الله عنه بسبب اشتغاله بما هو أهم راج مذهبه واشتهر وذاع وانتشر، فقد بدأ أولاً بتفضيل الأمير([47]) وثانياً بتكفير الصحابة، وثالثاً بألوهية الأمير ودعا الناس على حسب استعدادهم، وربط رقاب كل من اتبعه بحبل من حبال الغواية، فهو قدوة لجميع الفرق الرافضة، وإن أكثر أتباعه وأشياعه من تلك الفرق يذكرونه بالسوء لكونه قائلاً بألوهية الأمير ويعتقدون أنه مقتدى الغلاة فقط، ولذا ترى أخلاق اليهود وطبائعهم موجودة في جميع فرق الشيعة، وذلك مثل الكذب، والبهتان، وسب أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وكبائر أئمة الدين وحملة كلام الله تعالى وكلام الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وحمل كلام الله تعالى والأحاديث على غير ظاهرها، وكتم عداوة أهل الحق في القلب، وإظهار التملّق خوفاً وطمعاً، واتخاذ النفاق شعاراً ودثاراً، وعدّ التقية من أركان الدين، ووضع الرقاع المزورة([48]) ونسبتها إلى النبي (صلّى الله عليه وسلّم) والأئمة، وإبطال الحق وإحقاق الباطل لأغراض دنيوية. وهذا الذي ذُكر قطرة من بحر وذرّة من جبل. وإذا تفكرت في سورة البقرة وحفظت ما ذكر الله تعالى فيها من صفات اليهود الذميمة ترى جميعها مطابقة لصفات هذه الفرقة مطابقة النعل بالنعل.

الطبقة الثانية: جماعة ممن ضعف إيمانهم من أهل النفاق، وهم قتلة عثمان([49]) وأتباع عبد الله بن سبأ الذين كانوا يسبون الصحابة الكرام، وهم الذين انخرطوا في عسكر الأمير وعدّوا أنفسهم من شيعته خوفاً من عاقبة ما صدر منهم من تلك الجناية العظمى، وبعض منهم تشبثوا بأذيال الأمير طمعاً في المناصب العالية ورفعة المراتب فحصل لهم بذلك مزيد من الأمنية وكمال الطمأنينة، ومع ذلك فقط أظهروا للأمير رضي الله عنه ما انطووا عليه من اللؤم والخبائث فلم يستجيبوا لدعوته وأصروا على مخالفته، وظهرت منهم الخيانة على ما نصبوا عليه، واستطالت أيديهم على عباد الله تعالى وأكل أموالهم، وأطالوا ألسنتهم في الطعن على الصحابة.

وهذه الفرقة هم رؤساء الروافض وأسلافهم ومسلّموا الثبوت عندهم، فإنهم وضعوا بناء دياناتهم وإيمانهم في تلك الطبقة على رواية هؤلاء الفساق المنافقين ومنقولاتهم، فلذا كثرت روايات هذه الفرقة عن الأمير رضي الله عنه بواسطة هؤلاء الرجال.

وقد ذكر المؤرخون سبب دخول أولئك المنافقين في هذا الباب وقالوا إنهم قبل وقوع التحكيم([50]) كانوا مغلوبين لكثرة الشيعة الأولى في عسكر الأمير وتغلبهم، ولما وقع التحكيم وحصل اليأس من انتظام أمور الخلافة وكادت المدة المعينة للخلافة تتم وتنقرض وتخلفها نوبة العضوض رجعت الشيعة الأولى من دومة الجندل التي كانت محل التحكيم إلى أوطانهم لحصول اليأس من نصرة الدين وشرعوا بتأييده بترويج أحكام الشريعة والإرشاد ورواية الأحاديث وتفسير القرآن المجيد، كما أن أمير المؤمنين رضي الله عنه دخل الكوفة واشتغل بمثل هذه الأمور، ولم يبق في ركاب أمير المؤمنين إذ ذاك من الشيعة الأولى إلى القليل ممن كانت له دار في الكوفة.

فلما رأت هاتيك الفرقة الضالة المجال في إظهار ضلالتهم أظهروا ما كانوا يخفونه من إساءة الأدب في حق الأمير وأتباعه الأحياء منهم والأموات، ومع هذا كان لهم طمع في المناصب أيضاً لأن العراق وخراسان وفارس والبلاد الأُخرى الواقعة في تلك الأطراف كانت باقية بعدُ في تصرّف الأمير وحكومته، والأمير رضي الله عنه عاملهم بما عاملوه.

ولما كانت الروايات من أهل السنة في هذا الباب غير معتدّ بها لمزيد عدواتهم لفرق الشيعة على حد زعمهم، وجب النقل من كتب الشيعة المعتبرة مما صنفه الإمامية.

ولما نعى الأمير بخبر قتل محمد بن أبي بكر في مصر كتب كتاباً إلى عبد الله بن عباس، فإنه كان حينئذٍ عامل البصرة، وهو مذكور في كتاب "نهج البلاغة" الذي هو عند الشيعة أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى:

"أما بعد فإن مصر قد افتتحت، ومحمد بن أبي بكر استشهد، فعند الله نحتسبه ولداً صالحاً وعاملاً كادحاً وسيفاً قاطعاً وركناً دافعاً. وكنت قد حثثت الناس على لحاقه، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءاً، فمنهم الآتي كارهاً ومنهم المُتعلّل كاذباً، ومنهم القاعد خاذِلاً. أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجاً عاجلاً. فوالله لولا طمعي عند لقاء العدو في الشهادة، وتوطيني نفسي على المنية، لأحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوماً واحداً ولا ألتقي بهم أبداً".

وكذا لما أُخبر بقدوم سفيان بن عوف الذي كان من بني غامد وأمير أمراء معاوية (رضي الله عنه) وركبانه ببلد الأنبار وقتلهم أهله خطب خطبة مندرجة فيها هذه العبارة المشيرة للإرشاد: "والله يميتُ القلبَ ويجلب الهمّ ما نرى من اجتماع هؤلاء على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، فقبحاً وترحاً حين صرتم غرضاً يُرمى: يغار عليكم ولا تغيرون، وتُغزون ولا تغزون، ويُعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا حتى ينسلخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام البرد قلتم هذه صبارة القُرّ أمهلنا حتى ينسلخ عنا البرد. كل هذا فراراً من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقرّ تفرّون فأنتم والله من السيف أفرّ، يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلُومُ الأطفال، وعُقُولُ ربات الحجول. لوددتُ أني لم أعرفكم، معرفةٌ والله جرَّت ندماً، وأعقبت سَدَماً".

وأيضاً يقول في هذه الخطبة: "قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً. وشحنتُم صدري غيظاً، وجرّعتُمُوني نُغَبَ التهمام أنفاساً، وأفسدتم عليَّ رأيي بالخذلان والعصيان، حتى قالت قُريشٌ: إن ابن أبي طالب رجلٌ شُجاعٌ ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشدّ لها مِراساً وأقدم فيها مقاماً مني، لقد نهضتُ فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذرفتُ على الستين ولكن لا رأي لمن لا يُطاع".

ويقول في خطبة أخرى: "أيها الناس المجتمعةُ أبدانهم، المختلفةُ أهواؤهم، كلاكم يوهي الصُّمُّ الصِّلاب، وفعلكم يُطمع فيكمُ الأعداء. تقولون في المجالس كيت وكيت، فإذا حضر القتال قلتم: حيدي حياد. ما عزَّت دعوة من دعاكم ولا استراح قلبُ من قاساكم. أعاليل بأضاليل" الخ.

ويقول:"المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فقد فاز والله بالسَّهم الأخيب. ومن رَمَى بكم فقد رمى بأفوَقَ ناصل. أصبحتُ والله لا أُصدقُ قولكم، ولا أطمع في نصركم ولا أوعِدُ العدوّ بكم".

ويقول في خطبة أخرى إذ استنفر الناس إلى أهل الشام:" أفٍ لكم، لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضاً، وبالذلّ من العزّ خلفاً؟ إذا دعوتكم إلى جهاد أعدائكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غَمرة، ومن الذُّهول في سكرة، يُرتج عليكم حَواري فتعمهون، وكأن قلوبكم مألوسةٌ فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، وما أنتم بركن يُمال بكم ولا زوافِر عز يفتقر إليكم، ما أنتم إلا كإبل ضلّ رعاتها. فكلما جُمعت من جانبٍ انتشرت من آخر، وبئس لعمر الله سعرُ نار الحرب أنتم، تُكادون ولا تكيدون، وتُنقص أطرافكم ولا تمتعضون، لا يُنام عنكم وأنتم في غفلة ساهون".

وأيضاً يقول في خطبة أخرى :"مُنيت بمن لا يُطيع إذا أمرت، ولا يُجيب إذا دعوت. لا أباً لكم، ما تنظرون بنصركم ربّكم؟ لا دين يجمعكم ولا حمية تُحمشكم. أقول فيكم مُستصرخاً، وأناديكم متغوّثاً، فلا تسمعون لي قولاً، ولا تطيعون لي أمراً، حتى تكشف الأمور عن عواقب المساءة، فما يُدرك بكم ثأر، ولا يُبلغ منكم مرام. دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الحمل الأسرّ، وتثاقلتم تثاقل النّضو الأدبر. ثم خرج إليّ منكم جُنيد متذائب ضعيف {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ}.

ويقول: "كم أُداريكم كما تُدارى البِكار العَمِدة والثيابِ المتداعية إن حيصت من جانبٍ تهتكت من آخرَ، وكلما أطلّ عليكم مِنسر من مناسر أهل الشام أغلق كل رجل منكم بابه وانجحر انجحار الضبَّة في جحرها والضبع في وجارها".

وأيضاً في خطبة أخرى:"من رمى بكم فقد رمى أفوق ناصل، إنكم والله لكثير في الباحات، قليل تحت الرايات".

وهذه الخطب كلها ذكرها الرضى في نهج البلاغة، وغيره من الإمامية أيضاً رووها في كتبهم.

وقال علي بن موسى بن طاووس([51]) سبط محمد بن الحسن الطوسي: إن أمير المؤمنين كان يدعو الناس على منبر الكوفة إلى قتال البغة، فما أجابه إلا رجلان، فتنفس الصعداء وقال: أين يقعان. ثم قال ابن طاووس: إن هؤلاء مع اعتقادهم فرض طاعته وأنه صاحب الحق، وأن الذين ينازعونه على الباطل. وكان عليه السلام يداريهم ولكن لا تجديه المداراة نفعاً. وقد سمع قوماً من هؤلاء ينالون منه في مسجد الكوفة ويستخفون به، فأخذ بعضادتي الباب وأنشد متمثلاً:

هنيئاً مريئاً غير داء مُخامر           لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

فيئس منهم كلهم، ودعا على هؤلاء الذين يدّعون شيعته بقوله: "قاتلكم الله، وقبحاً لكم وترحاً". ونحوها.

وكذا حلف على أن لا يُصدّق قولهم أبداً. ووصفهم في مواضع كثيرة بالعصيان لأوامره وعدم استماعهم وقبولهم لكلامه، وأظهر البراءة من رؤيتهم.

وهؤلاء لم يكن لهم وظيفة سوى الحطّ على حضرة الأمير رضي الله عنه وذمهم له، وحاشاه.

وقد علم أيضاً أن شيعة ذلك الوقت كانوا كلهم مشتركين في هذه الأحوال، وداخلين في هذه المساوئ إلا رجلين منهم، فإذا كان حال الصدر الأول والقرن الأفضل الذين هم قدوة لمن خلفهم من بعدهم وأسوة لأتباعهم ما سمعت ذكره، فكيف بأتباعهم؟ فويلٌ لهم مما يكسبون.

الطبقة الثالثة: هم الذين اتبعوا السيد المجتبى السبط الأكبر وقرة عين البتول الإمام الحسن رضي الله عنه، بعد شهادة الأمير رضي الله عنه، وبايعه قدر أربعين ألفاً على الموت، ورغبّوه في قتال معاوية (رضي الله عنه) وخرجوا إلى خارج الكوفة، وكان قصدهم إيقاعه في ورطة الهلاك، وقد أزعجوه في أثناء الطريق بطلب وظائفهم منه، وظهر منهم في حقه سوء الأدب ما ظهر، كما فعل المختار الثقفي من جرّ مصلاه من تحت قدمه المباركة، وهو الذي كان يعدّ نفسه من أخصّ شيعته، وكطعن آخر بالسنان فخذ الإمام رضي الله عنه حتى تألم منه ألماً شديداً.

فلما قامت الحرب على ساق، وتحققت المقاتلة، رغبوا إلى معاوية (رضي الله عنه) لدنياه وتركوا نصرة الإمام، مع أنهم كانوا يدّعون أنهم من شيعته المخصوصين وشيعة أبيه، وأنهم أحدثوا مذهب التشيع وأسسوه. ذكر ذلك المرتضى في كتابه "تنـزيه الأنبياء والأئمة" عند ذكر عذر الإمام الحسن عن صلح معاوية وخلع نفسه من الخلافة وتفويضها إليه. وذكر أيضاً نقلاً عن كتاب "الفصول" للإمامية أن رؤساء هذه الجماعة كانوا يكتبون معاوية (رضي الله عنه) خفياً على الخروج للمحاربة مع الإمام، بل بعضهم أراد الفتك به رضي الله عنه، فلما تحققت هذه الأمور عنده رضي بالصلح مع معاوية (رضي الله عنه)، وخلع الخلافة عن نفسه.

الطبقة الرابعة: هم أكثر أهل الكوفة الذين طلبوا حضرة السبط الأصغر وريحانة سيد البشر (صلّى الله عليه وسلّم) الحسين رضي الله تعالى عنه، وكتبوا إليه كتباً عديدة في توجهه إلى طرفهم، فلما قرب من ديارهم مع الأهل والأقارب والأصحاب وأخذت الأعداء تؤجج نيران الحرب في مقابلته، تركه أولئك الكذابون وتقاعدوا عن نصرته وإعانته، مع كثرة عدد الأعداء وقوة شوكتهم. بل رجع أكثرهم مع الأعداء خوفاً وطمعاً، وصاروا سبباً لشهادته وشهادة كثير ممن معه، حتى مات الأطفال والصبيان الرضع من شدة العطش، وأغروا ذوات الخدور والمستورات بالحجب من بيت النبوة  وأطافوهم في البلاد والقرى والبوادي([52])، وقد نشأ ذلك من غدرهم وعدم وفائهم ومخادعتهم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}.

الطبقة الخامسة: وهم الذين كانوا في زمن استيلاء المختار على العراق والبلاد الأُخر من تلك الأقطار، وكانوا معرضين عن الإمام السجّاد لموافقته المختار، وينطقون بكلمة محمد بن الحنفية ويعتقدون إمامته، مع أنه لم يكن من أولاد الرسول (صلّى الله عليه وسلّم)([53]) ولم يقم دليل على إمامته([54]). وهذه الفرقة قد خرجت في آخر الأمر على الدين وحادت عن جادة المسلمين بما قالوا من نبوّة المختار ونزول الوحي إليه.

الطبقة السادسة: هم الذين حملوا زيداً الشهيد على الخروج، وتعهدوا بنصرته وإعانته، فلما جدّ الأمر وحان القتال أنكروا إمامته بسبب أنه لم يتبرأ من الخلفاء الثلاثة، فتركوه في أيدي الأعداء ودخلوا به الكوفة فاستشهد وعاد رزء الحسين. وكنا بواحد فصرنا باثنين. ولبئس ما صنعوا. ولو فرضنا أنه لم يكن إماماً أفلم يكن من أولاد الإمام، مع أن من علم صحة نسبه وإن كان من العصاة يجب على الأمة إعانته ونصرته ولا سيما إذا كان على الحق، ولم يلزمه من عدم التبري ذنب ولم تلحقه منه نقيصة. وقد نقل الكشي روايات صحيحة عن الأئمة الأطهار تدل على أن سبّ الخلفاء الثلاثة لا يحتاج إليه في النجاة ودخول الجنة، وقد كان مظلوماً فإعانة المظلوم واجبة وفرض عين مع القدرة عليها.

الطبقة السابعة: هم الذين يدّعون صحة الأئمة والأخذ عنهم، مع أن الأئمة كانوا يُكفرونهم ويكذبونهم.

ولنذكر لك نبذة يسيرة من عقائد أسلافهم حيث أن هذا الكتاب لا يسع ذلك على سبيل الاستقصاء، ولكن ما لا يُدرك كله لا يترك كله.

فنقول: إن منهم من كان يعتقد أن الله تعالى جسم ذو أبعاد ثلاثة كالهشامين([55]) وشيطان الطاق والميثمي، ذكر ذلك الكليني في الكافي.

ومنهم من أثبت له صورة جلّ شأنه كهشام بن الحكم وشيطان الطاق.

ومنهم من اعتقد أن الله تعالى مجوّف من الرأس إلى السرة، ومنها إلى القدم مصمت كهشام بن سالم([56]) والميثمي.

ومنهم من اعتقد أن عزّ اسمه لم يكن عالماً في الأزل([57]) كزرارة بن أعين([58]) وبكير بن أعين وسليمان الجعفري ومحمد بن مسلم الطحان وغيرهم.

ومنهم من أثبت له مكاناً وحيزّاً وجهة وهم الأكثرون منهم. ومنهم من كفر بالله تعالى فلم يعتقد بالصانع القديم ولا بالأنبياء ولا بالبعث والمعاد كديك الجن الشاعر وغيره.

ومنهم من كان من النصارى ويُعلن ذلك جهاراً ويتزيي بزيهم، ومع ذلك لم يترك صحبة قومه كزكريا بن إبراهيم النصراني الذي روي عنه أبو جعفر الطوسي في كتابه التهذيب.

ومنهم من قال في حقهم جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: يروون عنا الأكاذيب ويفترون علينا أهل البيت كالتبّان المكنى بأحمد.

ومنهم من حذّر الأئمة منهم ومن نقلة الأخبار ورواة الآثار عن الأئمة العظام. روى الكليني عن إبراهيم الخراز ومحمد بن الحسين قالا: دخلنا على أبي الحسن الرضا فقلنا: إن هشام بن سالم والميثمي وصاحب الطاق يقولون إن الله تعالى أجوف من الرأس إلى السرّة والباقي مصمت. فخر ساجداً ثم قال: سبحانك، ما عرفوك ولا وحّدوك، فمن أجل ذلك وصفوك. وقد دعا الإمام على هؤلاء وعلى زرارة بن أعين فقال: أخزاهم الله.

وروى الكليني أيضاً عن علي بن حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري معرفته ضرورية يمنّ بها على من يشاء من عباده. فقال: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ولا يحدّ ولا يحسّ ولا يحيط به شيء ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد.

ومنهم من كان منكراً لموت الإمام الصادق بأنه هو المهدي الموعود به، ويُنكرون إمامة الأئمة الباقين. وأكثر رواة الإمامية كانوا واقفية([59]) كما لا يخفى من راجع أسماء رجالهم حيث يقولون في مواضع شتى: إن فلاناً كان من الواقفية([60]).

فهاتان الفرقتان منكرتان لعدد الأئمة وتعيين أشخاصهم. ومُنكر الإمامة كمُنكر النبوة كافر. ومع هذا يروي علماء الشيعة عنهم في صحاحهم. ومنهم من لم يعلم إمام وقته وقضى عمره في التردّد والتحيّر، فدخل في هذا الوعيد "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" كالحسن بن سماعة بن مهران وابن فضّال وعمرو بن سعيد وغيرهم من رواة الأخبار.

ومنهم من اخترع الكذب وأصرّ على ذلك كأبي عمرو بن خرقة البصري. ومنهم من طرده الإمام جعفر الصادق عن مجلسه ثم لم يُجوّز له مجيئه إليه كابن مسكان.

ومنهم من أقرّ بكذبه كأبي بصير. ومنهم من كان من البدائية الغالية كدارم بن الحكم وزياد بن ابن الصلت وابن هلال الجهمي وزرارة بن سالم. ومنهم من كان يكذب بعضهم بعضاً في الرواية كالهشامين وصاحب الطاق والميثمي.

واعلم أن جميع فرق الشيعة يدّعون أخذ علومهم من أهل البيت، وتنسب كل فرقة منهم إلى إمام، ويروون عنهم أصول مذهبهم وفروعه، ومع ذلك يُكذّب بعضهم بعضاً، ويُضلّل أحدهم الآخر مع ما بينهم من التناقض في الاعتقادات ولاسيما في الإمامة، فذلك أوضح دليل وأقوى برهان على كذب تلك الفرق كلها، وذلك لأن الروايات المختلفة والأخبار المتناقضة لا يمكن ورودها من بيت واحد وإلا يلزم كذب بعضهم، وقد قال الله تعالى: {إنما يُريدُ الله لِيُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً} وقد علم أيضاً من التواريخ وغيرها أن أهل البيت ولا سيما الأئمة الأطهار من خيار خلق الله تعالى بعد النبيين([61]) وأفضل سائر عباده المخلصين.

والمقتفين لآثار جدهم سيد المرسلين صلَّى الله عليه وسلَّم، فلا يمكن صدور الكذب عنهم، فعلم أنهم بريئون مما ترويه عنهم تلك الفرق المضلة بعضهم بعضاً، بل قد وضعها كل فرقة من هذه الفرق ترويجاً لمذهبهم، ولذا وقف فيها التخالف.

وأما الاختلاف الواقع عند أهل السنة فليس كذلك لوجهين: الأول أنه اختلاف اجتهادي، فإنهم يعلمون من زمن الصحابة إلى زمن الفقهاء الأربعة أن كل عالم مجتهد، ويجوز للمجتهد العمل برأيه المستنبط من دلائل الشرع فيما ليس فيه نص. واختلاف الآراء طبيعي لنوع الإنسان، وليس ذلك اختلاف الرواية حتى يدل على الكذب والافتراء([62]).

الثاني: إن اختلافهم كان في فروع الفقه لا في أصول الدين، واختلاف الفروع للاجتهاد جائز فلا يكون دليلاً لبطلان المذهب، وذلك كاختلاف المجتهدين من الإمامية في المسائل الفقهية كطهارة الخمر ونجاسته وتجويز الوضوء بماء الورد وعدمه.

ولننبهك على كيفية أخذ الشيعة العلم من أهل البيت، فاعلم أن الغلاة – وهم أقدم من جميع الفرق الشيعية وأضلهم – قد أخذوا مذهبهم عن عبد الله بن سبأ حيث موّه عليهم قصداً لإضلالهم أنه أخذ ذلك عن الأمير رضي الله عنه، وزعمت المختارية والكيسانية([63]) أنهم قد أخذوه عن الأمير والحسنين وعن محمد بن علي وعن أبي هاشم ابنه، والزيدية([64]) عن الأمير والحسنين وزين العابدين وزيد بن علي ويحيى بن زيد، والباقرية([65]) عن خمسة أعني الأمير إلى الباقر، والناووسية([66]) عن هؤلاء الخمسة والإمام الصادق، والمباركية([67]) عن هؤلاء الستة وإسماعيل بن جعفر.

والقرامطة([68]) عن هؤلاء السبعة ومحمد بن إسماعيل، والشميطية([69]) عن هؤلاء الثمانية ومحمد بن جعفر وموسى وعبد الله ذو إسحاق أبناء جعفر.

والمهدوية([70]) عن اثنين وعشرين، وهم كانوا يعتقدون أن جميع سلاطين مصر والمغرب الذين خلوا من نسل محمد الملقب بالمهدي أئمة معصومون، ويزعمون أن العلم المحيط بجميع الأشياء كان حاصلاً لهم، وهؤلاء السلاطين أيضاً كانوا يدّعون ذلك كما تشهد لذلك تواريخ مصر والمغرب.

والنـزارية([71]) عن ثمانية عشر أولهم أمير المؤمنين وآخرهم المستنصر بالله، والإمامية الاثنا عشرية عن اثني عشر أولهم الأمير وآخرهم الإمام محمد المهدي.

ولا حدّ لعلمائهم في الكثرة، وقدماؤهم المشاهير: سليم بن قيس([72]) الهلالي، وأبان بن تغلب، وهشام بن سالم، وصاحب الطاق، وأبو الأحوص داود بن أسد، وعلي بن منصور، وعلي بن جعفر، وبيان بن سمعان المُكنّى بأبي أحمد المشهور بالجزري، وابن أبي عمير محمد بن زياد الأزدي، وعبد بن المغيرة البجلي، والنصري واسمه الحارث بن المغيرة، وأبو بصير، ومحمد بن حكيم، ومحمد بن فرج الرخجي، وإبراهيم بن سليمان الخزاز، ومحمد بن الحسين، وسليمان بن جعفر الجعفري، ومحمد بن مسلم الطحان، وبكير بن أعين، وزارة بن أعين وأبناؤهما، وسماعة بن مهران الحضرمي، وعلي بن أبي حمزة البطائني([73])، وعيسى وعثمان وعلي وهؤلاء الثلاثة بنو فضّال، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، ويونس بن عبد الرحمن القمي([74])، وأيوب بن نوح النخعي، وحسن بن العباس بن الحريش الرازي، وأحمد بن إسحاق، وجابر الجعفي، ومحمد بن جمهور العمى، والحسين بن سعيد الأهوازي، وعبد الله وعبيد الله ومحمد وعمران وعبد الأعلى كلهم بنو علي بن أبي شعبة وأولادهم وجدّهم.

وأما المصنفون من الاثني عشرية فصاحب (معالم الأصول) فخر المحققين محمد بن الحسن ابن مطهر الحلّي، ومحمد بن علي الطرازي، ومحمد بن عمر الجعابي، وأبو الفتح محمد بن علي الكراجكي، وإبراهيم بن علي علي الكفعمي([75])، وجلال الدين حسن بن أحمد شيخ الشيخ المقتول، ومحمد بن الحسن الصفار([76])، وأمان بن بشر البغال، وعبيد بن عبد الرحمن الخشعي، وفضل بن شاذان القمي، ومحمد بن يعقوب الكليني الرازي، وعلي بن الحسين بن بابويه القمي، والحسين ابنه أيضاً، وعبيد الله بن علي الحلبي، وعلي بن مهزيار الأهوازي، وسلار: حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني، وعلي بن إبراهيم بن هاشم القمي([77])، وابن براج: عبد العزيز بن نحرير وابن زهرة: حمزة بن علي، وابن إدريس المفتري على الشافعي المشهور، والذي جرّأه على ذلك مشاركته له الكُنية، ومعين الدين المصري، وابن جنيد، وحمزة أبو الصلاح، وابن المشرعة الواسطي، وابن عقيل، والغضائري([78])، والكشي والنجاشي والملا حيدر العاملي والبرقي ومحمد بن جرير الطبري الآملي وابن هشام الديلمي ورجب بن محمد بن رجب البرسي([79]).

واعلم أن جميع فنونهم من الكلام والعقائد والتفسير مستمدة من كتب غيرهم، والمعتمد من كتب أخبارهم الأصول الأربعة: أحدها "الكافي" المشهور بالكليني، وثانيها "من لا يحضره الفقيه" وثالثها "التهذيب" ورابعها "الاستبصار".

وصرح علماؤهم بأن العمل بكل ما في هذه الأربعة واجب، وكذلك صرحوا بأن العمل برواية الإمامي الذي يكون دونه أصحاب الأخبار أيضاً واجب بهذا الشرط كما نص على ذلك أبو جعفر الطوسي والمرتضى وفخر الدين الملقب بالمحقق الحلي، مع أنه يوجد في تلك الكتب الأربعة من رواية المجسمة كالهشامين وصاحب الطاق، ورواية من اعتقد أن الله تعالى لم يكن عالماً في الأزل كزرارة وأمثاله كالأحولين، وسليمان الجعفري، ورواية من كان فاسد المذهب ولم يكن معتقداً بإمام أصلاً كبني فضّال وابن مهران وغيرهم، ورواية بعض الوضاعين الذين لم يخف حالهم على الشيعة كجعفر الأودي وابن عياش (أحمد بن محمد الجوهري)([80]) وكتاب "الكافي" مملوء من رواية ابن عياش، وهو بإجماع هذه الفرقة كان وضّاعاً كذّاباً.

والعجيب من المرتضى([81]) مع علمه بهذه الأمور كان يقول: إن أخبار فرقتنا وصلت إلى حد التواتر.

وأعجب من ذلك أن جمعاً من ثقاتهم رووا وحكموا عليه بالصحة، وآخرين كذلك حكموا عليه بأنه موضوع مفترى، وهذه الأخبار كلها في صحاحهم، كما أن ابن بابويه حكم بوضع ما روي في تحريف القرآن وآياته، ومع ذلك فتلك الروايات ثابتة في "الكافي" بأسانيد صحيحة بزعمهم، إلى غير ذلك من المفاسد، والله سبحانه يحقُّ الحقّ وهو يهدي السبيل.

 

المصادر الإسـلاميّة

الإقناع للحجاوي.

الأم للشافعي.

بدائع الصنائع للكاشاني.

بداية المجتهد لابن رشد.

تأريخ القرآن، إبراهيم الأبياري.

تحفة الفقهاء للسمرقندي.

تفسير الطبري.

تفسير ابن كثير.

تفسير فتح القدير.

تفسير روح المعاني للألوسي.

تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني.

الجامع الصغير للسيوطي.

جمع الجوامع للسيوطي.

الجمع الصوتي الأول للقرآن، لبيب السعيد.

الرسالة للشافعي.

روضة الطالبين للنووي.

سبل السلام للصنعاني.

سنن أبي داود.

سنن البيهقي.

سنن الدارقطني.

سنن الدارمي.

سنن ابن ماجه.

سنن النسائي.

الشيعة والتحريف القرآن، محمد مال الله.

صحيح البخاري.

صحيح مسلم.

صفوة الصفة لابن الجوزي.

فتح الباري لابن حجر.

فتح العزيز للرافعي.

كشف القناع للبهوتي.

منتخب مسند عبد بن حميد.

كنـز العمال للهندي.

المبسوط للسرخسي.

مجمع الزوائد للهيثمي.

مختصر المزني.

المجموع للنووي.

المحلى لابن حزم.

المستدرك للحاكم النيسابوري.

المدونة الكبرى للإمام مالك.

مسند ابن الجعد.

مسند ابن راهويه.

مسند سعد بن أبي وقاص للدروقي.

مسند أبي داود الطيالسي.

مسند أحمد.

مسند أبي عوانة.

مسند أبي يعلى.

مسند الحميدي.

مصنف ابن أبي شيبة.

المغني لابن قدامة.

مغني المحتاج للشربيني.

منهاج السنة لابن تيمية.

الموطأ للإمام مالك.

النسخ في القرآن الكريم، د. مصطفى زيد.

نيل الأوطار للشوكاني.

وغير ذلك من المراجع المذكورة في الحواشي.

 

المصادر الشّـيعية

 

أحاديث أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، مرتضى العسكري.

الاحتجاج، الطبرسي.

أحكام الخلل في الصلاة، مرتضى الأنصاري.

إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، الحسن بن يوسف بن المطهر.

إرشاد السائل، اللكبايكاني.

إشارة السبق، علي بن الحسن الحلبي.

الإثنا عشرية، بهاء الدين العاملي.

الاستبصار فيما اختلف من أخبار، محمد بن الحسن الطوسي.

الاستغاثة في بدع الثلاثة، أبو القاسم الكوفي.

الاقتصاد، الطوسي.

الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية، لابن أبي جمهور الأحسائي.

الألفية والنقلية، محمد بن مكي العاملي.

الأمالي، الصدوق.

الإمامة والتبصرة، ابن بابويه القمي.

الانتصار، المرتضى.

الألفية والنقلية، الشهيد الأول.

الأقطاب الفقهية، ابن أبي الجمهور.

الأنوار النعمانية، نعمة الله الجزائري.

الأنوار الوضية في العقائد الرضوية، حسين العصفور.

أسئلة وأجوبة، اليزدي.

أنوار الأصول، ناصر مكارم الشيرازي.

أوائل المقالات، المفيد محمد بن محمد بن النعمان.

الإيضاح، الفضل بن شاذان.

إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد، محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي.

بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي.

بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار.

بلغة الفقيه، محمد بحر العلوم.

البيان، محمد بن جمال الدين مكي العاملي.

البيان في تفسير القرآن، لأبي القاسم الخوئي.

تأويل الآيات الطاهرة، شرف الدين الحسيني.

التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي.

تبصرة المتعلمين في أحكام الدين، الحسن بن يوسف المطهر.

تحفة العقول، ابن شعبة الحراني.

تحرير الأحكام، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر.

تذكرة الفقهاء، الحلي.

تفسير البرهان، هاشم البحراني.

تفسير الصافي، الكاشاني.

تفسير العياشي.

تفسير القمي.

تفسير الميزان، الطباطبائي.

التقية، مرتضى الأنصاري.

التقية، الخميني.

التقية في فقه أهل البيت، مسلم الدواري.

التوحيد، الصدوق.

تصحيح اعتقادات الإمامية، المفيد محمد بن محمد بن النعمان.

التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي.

تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، محمد بن الحسن الطوسي.

ثواب الأعمال، الصدوق.

جامع المدارك شرح المختصر النافع، أحمد الخوانساري.

جامع المقاصد في شرح القواعد، علي بن الحسين الكركي.

الجامع العباسي، بهاء الدين العاملي.

الجامع للشرائع، يحيى بن سعيد الحلي.

الجواهر السنية في الأحاديث القدسية، الحر العاملي.

جواهر الفقه، القاضي ابن البراج.

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، محمد حسن النجفي.

الحبل المتين، بهاء الدين العاملي.

الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني.

الحاشية على القوانين، مرتضى الأنصاري.

حاشية المكاسب، اليزدي.

حاشية المكاسب، محمد كاظم الأخوند الخراساني.

حاشية المكاسب، النائيني.

حاشية المكاسب، الأصفهاني.

حصر الاجتهاد، آغا برزك الطهراني.

الحكومة الإسلامية، الخميني.

الخراجيات، المحقق الكركي.

خصائص الأمة، الرضي.

الخصال، الصدوق.

الخلاف، الطوسي.

الخلل في الصلاة، الخميني.

الخمس، مرتضى الحائري.

الدر المنضود في صيغ النيات والإيقاعات والعقود، زين الدين أبو القاسم علي بن محمد بن الفقعاني.

الدر المنضود، الكلبايكاني.

الدرر النجفية، يوسف البحراني.

الدروس الشرعية، محمد بن مكي العاملي.

دعائم الإسلام، أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور المغربي.

دلائل الإمامة، محمد بن جرير بن رستم الطبري الشيعي.

دليل الناسك، محسن الحكيم.

ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد، محمد باقر السبزواري.

الذكرى، الشهيد الأول.

الرسائل التسع، الحلي.

الرسائل السعدية، الحلي.

الرسائل العشر، ابن فهد الحلي.

الرسائل العشر، الطوسي.

رسائل الشهيد الثاني، زين الدين علي الجبعي العاملي.

رسائل المرتضى.

رسائل الكركي، علي بن الحسن الكركي.

رسائل فقهية، مرتضى الأنصاري.

رسائل حول خبر مارية، المفيد محمد بن النعمان.

روض الجنان شرح إرشاد الأذهان، زين الدين الجبعي العاملي.

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، زين الدين الجبعي العاملي.

روضة الواعظين، محمد بن الفتال النيسابوري.

رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل، علي الطباطبائي.

زبدة البيان، أحمد بن محمد الأردبيلي.

السرائر، محمد بن إدريس الحلي.

السقيفة وفدك، لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري.

الشموس شرح الدروس، حسين بن جمال الدين محمد الخوانساري.

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، الحلي.

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي.

شرح دعاء السحر، الخميني.

شرح العروة الوثقى، محمد باقر الصدر.

صراط النجاة، جواد التبريزي.

صلاة الجمعة، محمد مقيم اليزدي.

العقد الحسيني، حسين البهائي.

علل الشرائع، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.

عوائد الأيام، النراقي.

العروة الوثقى، محمد كاظم الطباطبائي اليزدي.

عيون أخبار الرضى، الصدوق.

غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، أبو القاسم القمي.

غنية النـزوع إلى علمي الأصول والفروع، حمزة بن علي بن زهرة الحلبي.

الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، أحمد الأردبيلي.

فتاوى ابن الجنيد، الاشتهاري.

فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب الأرباب، النوري.

فقه ابن أبي عقيل العماني، مركز المعجم الفقهي.

فقه الرضا، علي بن بابويه.

فقه الصادق، محمد صادق الروحاني.

الفصول العشرة في الغيبة، المفيد محمد بن النعمان.

الفصول المختارة، محمد بن محمد بن النعمان المفيد.

الفصول المهمة في أصول الأئمة، محمد بن الحسن الحر العاملي.

قرب الإسناد، عبد الله الحميري.

القضاء والشهادات، مرتضى الأنصاري.

قواعد الأحكام، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر.

الكافي، الكليني.

كافي الحلبي، أبو الصلاح الحلبي.

كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمي.

كتاب الأربعين، سليمان الماحوزي البحراني.

كتاب الإجارة، الخوئي.

كتاب الاجتهاد والتقليد، الخوئي.

كتاب البيع، الخميني.

كتاب التمحيص، محمد بن همام الإسكافي.

كتاب الحج، الخوئي.

كتاب الحج، الكلبايكاني.

كتاب الخمس، مرتضى الأنصاري.

كتاب الخمس، الخوئي.

كتاب الزكاة، مرتضى الأنصاري.

كتاب الزكاة، الخوئي.

كتاب الزهد، الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي.

كتاب الشهادات، الكلبايكاني.

كتاب الطهارة، مرتضى الأنصاري.

كتاب الطهارة، الخميني.

كتاب الطهارة، الخوئي.

كتاب الطهارة، الكلبايكاني.

كتاب الصلاة، مرتضى الأنصاري.

كتاب الصلاة، الخوئي.

كتاب الصلاة، تقريرات النائيني للكاظمي.

كتاب الصوم، مرتضى الأنصاري.

كتاب الصوم، الخوئي.

كتاب القضاء، الأشتياني.

كتاب القضاء، الكلبايكاني.

كتاب المساقاة، الخوئي.

كتاب المضاربة، الخوئي.

كتاب المكاسب، مرتضى الأنصاري.

كتاب النكاح، مرتضى الأنصاري.

كتاب النكاح، الخوئي.

كتاب الغيبة، ابن أبي زينب محمد بن إبراهيم النعماني.

كشف الرموز شرح المختصر النافع، زين الدين أبي علي الحسن بن أبي طالب المعروف بالآبي.

كشف الغطاء عن مبهمات شريعة الغراء، جعفر المدعو بكاشف الغطاء.

كشف اللثام، الفاضل الهندي.

كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر، علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي.

كفاية الأحكام، محمد باقر السبزواري.

كمال الدين وتمام النعمة، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي.

اللمعة الدمشقية، الشهيد الأول.

اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية، هاشم البحراني.

مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده من طريق العامة، محمد بن أحمد بن علي بن الحسن القمي المعروف بابن شاذان.

مباني تكملة المنهاج، أبو القاسم الخوئي.

المبسوط في فقه الإمامية، محمد بن الحسن بن علي الطوسي.

مثير الأحزان، ابن نما الحلي.

المجازات النبوية، الرضي.

مجمع الفائدة والبرهان، الأردبيلي.

المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

محصل المطالب في تعليقات المكاسب، صادق الطهوري.

المختصر النافع في فقه الإمامية، جعفر الحلي.

مختصر الأحكام، محمد رضا الموسوي الكلبايكاني.

مختصر الأحكام، الكلبايكاني.

مختصر بصائر الدرجات، حسن بن سليمان الحلي.

مختلف الشيعة، الحسن بن يوسف بن المطهر.

مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، محمد بن علي العاملي.

مدينة المعاجز، هاشم بن سليمان البحراني.

المراسم العلوية، حمزة بن عبد العزيز الديلمي.

مزار الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي.

مزار المشهدي، محمد بن المشهدي.

المسائل الصاغانية، المفيد.

المسائل المستحدثة، محمد صادق الروحاني.

المسح على الرجلين، المفيد محمد بن محمد النعمان.

مستمسك العروة الوثقى، محسن الحكيم.

المسائل الطوسية، المفيد محمد بن محمد بن النعمان، إيران.

المسائل الفقهية، عبد الحسين شرف الدين.

مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها.

مسالك الإفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، زين الدين بن علي العاملي.

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، حسين النوري الطبرسي.

المسترشد في إمامة أمير المؤمنين، محمد بن جرير بن رستم الطبري الشيعي.

مستند الشيعة في أحكام الشريعة، أحمد بن محمد مهدي النراقي.

مستمسك العروة، محسن الطباطبائي الحكيم.

مسند الإمام الرضا، تحقيق: عزيز الله العطاردي.

مسند الرضا، داود بن سليمان بن يوسف الغازي.

مشارق الشموس الدرية في أحقية الطائفة الإخبارية، عدنان البحراني.

مشارق الشموس، الخوانساري.

مشرق الشمسين، بهاء الدين العاملي.

مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي.

مصادر الاستنباط بين الأصوليين والإخباريين، محمد الغراوي.

مصباح الشريعة، جعفر الصادق.

مصباح الفقاهة، أبو القاسم الموسوي الخوئي.

مصباح الفقيه، محمد بحر العلوم.

مصباح المتهجد، محمد بن الحسن الطوسي.

مصباح المنهاج، محمد سعيد الطباطبائي الحكيم.

المعتبر في الشرح المختصر، الحلي.

معدن الجواهر ورياضة الخواطر، محمد بن علي الكراجكي.

معالم المدرستين، مرتضى العسكري.

معاني الأخبار، الصدوق.

مصباح المنهاج، محمد سعيد الحكيم.

معجم أحاديث المهدي.

معجم رجال الحديث، الخوئي.

مفتاح الفلاح، بهاء الدين العاملي.

مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر، أحمد بن عبيد الله بن عياش الجوهري.

مقتل الحسين، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف.

المقنع، محمد بن علي بن بابويه.

المقنع في الغيبة، المرتضى.

المقنعة، المفيد.

المكاسب المحرمة، مرتضى الأنصاري.

المكاسب المحرمة، الخميني.

منار الهدى في النص على إمامة الأئمة الاثني عشر، علي البحراني.

مناسك الحج، الكلبايكاني.

مناسك الحج، علي السيستاني.

مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب.

مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، محمد بن سلميان الكوفي.

منتهى المطالب في تحقيق المذهب، الحلي.

من لا يحضره الفقيه، الصدوق.

منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، ميرزا حبيب الله الخوئي.

منهاج الصالحين، محمد الحسيني الروحاني.

منهاج الصالحين، علي السيستاني.

منهاج الفقاهة، محمد صادق الروحاني.

منتهى الطلب، الحلي.

منهاج الصالحين وتكملته، الخوئي.

المهذب، عبد العزيز بن البراج الطرابلسي.

المهذب البارع في شرح المختصر النافع، أحمد بن محمد بن فهد الحلي.

موسوعة الإمام الجواد.

الناصريات، المرتضى.

نتائج الأفكار، الكلبايكاني.

نخبة الأزهار، تقريرات الإصفاني للسبحاني.

نوادر الأشعري، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي.

نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة، محمد بن جرير بن رستم الطبري.

النهاية، الطوسي.

نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، الحلي.

نهاية المرام، محمد العاملي.

الهداية، الصدوق.

الهداية، الكلبايكاني.

هداية العباد، الكلبايكاني.

هداية العباد، لطف الله الصافي.

الهداية الكبرى، الحسين بن حمدان الخصيبي.

الوافي، الفيض الكاشاني.

وسائل الشيعة، الحر العاملي.

الوسيلة إلى نيل الفضيلة، أبي جعفر الطوسي المعروف بابن حمزة.

وغيرها من المصادر المذكورة في حواشي الكتاب.

 

الفهـرس

مقدمة الكتاب

أقسام أخبار الشيعة

حقيقة البداء

حقيقة الرقاع المزورة

الأدلة عند الشيعة

مسألة جمع القرآن

علماء الشيعة وتحريف القرآن

ترجمة هشام بن سالم الجواليقي

سورة الولاية

رد الألوسي على الرافضة

زواج عمر من أم كلثوم رضي الله عنهما

طعن الرافضة في زيد بن علي رحمه الله تعالى

طبقات الشيعة

الطبعة الأولى

عبد الله بن سبأ حقيقة لا خرافة

الطبقة الثانية

حقيقة حادث التحكيم

الطبقة الثالثة

الطبقة الرابعة

الطبقة الخامسة

الطبقة السادسة

الطبقة السابعة

فرقة الواقفة

ادعاء فرق الشيعة بأخذ علومهم من أهل البيت

حقيقة الاختلاف الواقع عند أهل السنة

كيفية أخذ الشيعة العلم من أهل البيت

ترجمة البطائني

ترجمة يونس بن عبد الرحمن القمي

ترجمة الغضائري

المصادر والمراجع

فهرس الكتاب

 

انتهى الكتاب ولله الحمد.

 


  • ([1]) لينظر القارئ الكريم ص52 من كتاب الخميني "الحكومة الإسلامية!!" هل يصدق عليه هذا القول أم لا؟!.
  • ([2]) رجال الكشي 195 .
  • ([3]) رجال النجاشي 9، وسائل الشيعة 20/116، مجمع الرجال للقهبائي 1/22 .
  • ([4]) رجال النجاشي 224، جامع الرواة 2/143، رجال الكشي 146، وسائل الشيعة 20/343، معجم رجال الحديث 17/253 .
  • ([5]) وسائل الشيعة 20/151 .
  • ([6]) رجال الكشي 169، تنقيح المقال للمامقاني 2/203 .
  • ([7]) رجال الكشي 171، مجمع الرجال 2/9 .
  • ([8]) رجال الكشي 171، تنقيح المقال 1/202، مجمع الرجال 2/9.
  • ([9]) يقول الشهيد الثاني في "الرعاية في علم الرواية" ص77: هو ما اتصل سنده إلى المعصوم، بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة وإن اعتراه شذوذ.
  • ([10]) المرسل عند الشيعة كما يقول صاحب "الدراية" ص47: ما رواه عن المعصوم من لم يدركه.. والمراد بالإدراك هذا التلاقي في ذلك الحديث المحدّث عنه، بأن رواه عنه بواسطة، وإن أدركه بمعنى اجتماعه به ونحوه، وبهذا المعنى يتحقق إرسال الصحابي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بأن يروي الحديث عنه صلَّى الله عليه وسلَّم بواسطة صحابي آخر.
  • وأما حكم المرسل عند الشيعة فيقول الغريفي في كتابه "قواعد الحديث" ص73: واختلف في حجية المرسل، فاختار جماعة حجيته مطلقاً إذا كان المرسل ثقة، سواء كان صحابياً، أم جليلاً أم غيرهما، وساء أسقط واحداً من السند أم أكثر، وهي المحكي عن البرقي ووالده من الإمامية.. وادعى الشيخ الطوسي عمل الطائفة بالمراسيل إذا لم يعارضها من المسانيد الصحيحة، كعملها بالمسانيد، ومقتضاه حجية المرسل مطلقاً بشرط عدم معارضة المسند الصحيح. ولكن المشهور عدم حجيته. وهو المنسوب إلى المحقق والعلامة والشهيد الأول وسائل من تأخر عنهم من الإمامية.. وجعله الشهيد الثاني أصح الأقوال للأصوليين والمحدثين مستدلاً عليه بقوله: "وذلك للجهل بحال المحذوف، فيحتمل كونه ضعيفاً ويزداد الاحتمال بزيادة الساقط، فيقوي احتمال الضعف، ومجرد روايته عنه ليس تعديلاً، بل أعمّ"، فوثاقه الراوي، أو حسنه شرط في قبول روايته، ولم يثبت في المرسل، كما لم يثبت أن ابن أبي عمير ونظائره من الثقات لا يرسلون إلا عن ثقة، كي تقبل مراسيلهم مطلقاً.
  • ([11]) الله – جلّ ذكره وتنـزّه عن مفتريات اليهود – في عقيدة اليهود جاهل ويحتاج إلى علامات وإشارات تهديه إلى بعض الأمور، وإنه يخلق الخلق ولا يعلم إن كان خلقه حسناً أم لا، إلا بعد أن ينظر إليه، وبدت له أمور لم يكن يعلمها فحزن وأسف على خلقه، فمحا الله تعالى كل قائم على وجه الأرض.
  • وإنه أمر بني إسرائيل بأن يجعلوا على بيوتهم علامات لئلا يهلكهم بطريق الخطأ، إلى غير ذلك من الإفك والضلال.
  • وقد تسربت تلك العقيدة الفاسدة إلى الدين الشيعي أو بمعنى أصح استعارها الشيعة من اليهود تحت مسمّى البداء، والبداء عبارة عن: "استصواب شيء علم بعد أن لم يُعلم" [لسان العرب لابن منظور 1/187].
  • وقد وردت كلمة "البداء" في القرآن الكريم في آيات عديدة، فمن ذلك قوله تبارك وتعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا}، {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا}، {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} كل هذه ظهور شيء لم يكن معلوماً لهم من قبل.
  • {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ}، فالإبداء في هذه الآيات الكريمة مقابل للإخفاء. ولا يكون بداء إلا بعد خفاء.
  • فالبداء هو ظهور شيء كان مجهولاً، وأما الضلال فزوال شيء كان معلوماً {أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا}، {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}، وأما الغفلة فهي أن لا يعلم ما هو كائن وحادث وحاضر.
  • والإنسان له كل هذه الثلاثة، لأن الجهل يُحيطه من بين يديه ومن خلفه.
  • وحيث أن الله جلّ جلاله يعلم علماً إجمالياً وعلماً تفصيلياً كل شيء، كليات الأشياء وجزيئاتها علماً مطلقاً كلياً من الأزل إلى الأبد في كل آن قبل خلقها وبعده على حد سواء في الظهور، فالبداء والضلال والغفلة في علم الله مُحال مستحيل ممتنع [الوشيعة في نقد عقائد الشيعة لموسى جار الله ص110].
  • والبداء عند الشيعة أن يظهر ويبدوا لله عزّ شأنه أمراً لم يكن عالماً به. ومن جهل البداء أو لم يعترف به فليس له حظ ولا نصيب من المعرفة [انظر: شبهات حول التشيع لعلي العصفور ص52]. فالإنسان لا يكون عالماً إلا إذا افترى على الله تعالى ووصفه بالجهل.
  • وربما يكابر بعض الشيعة في إنكار هذا الاعتقاد. ومن منطلق الأمانة العلمية ومنهجية البحث ننقل من المصادر المعتدة والموثوقة لديهم، فهذا الكليني يروي في كتابه "الأصول من الكافي" 1/146 كتاب الحجة، باب البداء: عن زرارة: ما عُبد الله بشيء مثل البداء. فعبادة الشيعة عبادة لرب جاهل، وكيف يُعبد من هو جاهل، ولا يعرف مصلحة عباده؟ وإن كافة أحكامه صادرة من جاهل وبجهل؟ ولا يتعبد بالجهل إلا جاهل.
  • وفي رواية ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع): ما عُظّم الله بمثل البداء [الكافي 1/146]. وعلّق محقّق الكافي قائلاً: البداء ظهور ما كان خفياً من الفعل بظهور ما كان خفيّاً من العلم بالمصلحة، ثم توسع في الاستعمال فأطلقنا البداء على ظهور كل فعل كان الظاهر خلافه، فيقال بدا له أن يفعل كذا أي ظهر من فعله ما كان الظاهر منه خلافه.
  • فالله جلّ جلاله عند الشيعة يُفاجأ بأشياء لم يكن علمها أو خلاف ما كان يعلمها تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبًا}.
  • ذكر الكليني في الكافي 1/148: عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا (ع) يقول: ما بعث الله نبيّاً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقرّ لله بالبداء.
  • فإرسال الله تبارك وتعالى الرُّسُل عليهم السلام مشترط بالاعتراف بأن الله جل جلاله جاهل، وعليهم أن يبثوا ذلك للناس ويعلمونهم إياه.
  • وأيضاً 1/148: عن مرزام بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ما تنبأ نبي قط حتى يقرّ لله بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة.
  • وأيضاً 1/368 باب كراهية التوقيت: عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى وقد كان وقّت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله على أهل الأرض، فأخّره إلى أربعين ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتاً عندنا ويمحوا الله ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب.
  • فهل يوجد أصرح من هذه الرواية؟ وبم يُفسّر الشيعة هذا الإفك والضلال؟.
  • ويقول طيب الموسوي في تعليقه على تفسير القمي 1/39: قال شيخنا الطوسي في العدّة: وأما البداء فحقيقته في اللغة الظهور كما يقال بدا لنا سور المدينة. وقد يستعمل في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلاً. وذكر سيدنا المرتضى: يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يُقال بدا لله بمعنى ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهراً له، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهراً له.
  • تقول كتب الشيعة: إن القول بالبداء هو رد لليهود إذ يقولون: إن الله قد فرغ من الأمر. وهذا القول من الشيعة خدعة وحيلة في إغفال الجاهل وتقوّل على اليهود باطل. وما استعارت الشيعة عقيدة البداء إلا من أسفار التوراة. فدعوى الرد بالبداء كفران للنعمة المستعارة.
  • تقول كتب الشيعة تزخرف قولها: إن البداء منـزلته في التكوين منـزلة النسخ في التشريع. فالبداء نسخ تكويني كما أن النسخ بداء تشريعي.
  • وهذا القول زخرفة إذ لا بداء في النسخ. والحكم كان مؤقتاً في علم الله. وأجل الحكم وانتهاء الحكم عند حلول الأجل معلوم لله قبل الحكم فأين البداء؟ نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ وبعد وقوع المحو، فالبداء لنا في علمنا لا لله [انظر: الوشيعة في نقد عقائد الشيعة ص110 وما بعدها].
  • ويقول الدكتور موسى الموسوي في كتابه القيم "الشيعة والتصحيح" ص147 وما بعدها:
  • تفسير الخطأ بالخطأ يعني الاستمرار فيه وعدم الخروج منه حتى قيام الساعة، ومن هنا أود القول إنه لو كانت لبعض علمائنا الشجاعة العلمية وخلوص النية ونقاء الفكر وصفاء الذهن لما ساروا في درب شائك لتفسير كلام موضوع أو جملة موضوعة أو فكرة تتنافى مع أصول العقيدة والبديهيات العقلية معاً، فالقول بالبداء والإصرار عليه والإبقاء عليه في كتب الزيارات والروايات معاً هو النموذج الأكمل في الإصرار على العزة بالإثم، وما دامت الحالة هذه، فطريق الخلاص من الأوهام صعب وعسير والعناية الإلهية لا تشمل قوماً قال الله تعالى فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}.
  • إن مفهوم البداء غامض عند الأكثرية الساحقة من أبناء الشيعة الإمامية، بل لا يعرفون شيئاً عن فحواها، وحتى إذا سألتهم عن معنى الكلمة فهم يُحيرون جواباً، ولكن مع كل هذا وهو من دواعي الأسف والحزن العميق فيما وصلت إليه حال هذه الأمة بفضل زعاماتها المذهبية أن هناك عشرات الآلاف من الشيعة وإن شئت فقُل مئات الآلاف منهم يكررون الجملة الآتية: السلام عليكما يا من بدا الله في شأنكما. (مفاتيح الجنان ص929). وذلك عندما يدخلون إلى مرقد الإمامين العسكريين في سر من رأى للسلام على الإمامين العاشر والحادي عشر عند الشيعة.
  • إن الشيعة تُردّد هذه العبارات كلما دخلت في صورة آحاد أو جماعات إلى مرقد الإمامين علي النقي والحسن العسكري وهي لا تعرف معنى البداء ولا جملة "يا من بدا الله في شأنكما". ولا الأسباب التي كانت وراء وضع الجملة تلك، ولا تعرف الخطورة الكامنة في هذا الكلام الذي فيه انتقاص من سلطان الله وعلمه وإرادته وحكمته، ولكن الأدهى من ذلك أنه لم يحدث حتى هذا اليوم أن انبرى عالم من علمائنا لحذف هذه الجملة من الزيارة أو المنع من قراءتها، شأنها شأن المئات من العبارات والجمل التي مُلئت كتب الزيارات والروايات وكلها تتناقض كما قلنا أكثر من مرة مع أساس العقيدة وروح الإسلام.
  • أما معنى البداء والفكرة التي بين يناياه وما تعنيه في زيارة الإمامين العسكريين هو أن الإمامة حسب التسلسل الموجود في عقيدة الشيعة الإمامية تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر مستثناة من هذه القاعدة الحسن والحسين. فالإمامة بعد الإمام الحسن انتقلت إلى الإمام الحسين، ولم تنتقل إلى الابن الأكبر للحسن. فقد حدث أن إسماعيل وهو الابن الأكبر للإمام جعفر الصادق الإمام السادس عند الشيعة قد توفي في عهد أبيه فانتقلت الإمامة إلى أخيه موسى بن جعفر الابن الأصغر للصادق، وهذا التغيير في مسار الإمامة التي هي منصب إلهي يسمى بداءاً حصل لله تعالى فانتقلت الإمامة الإلهية بموجبه من إسماعيل إلى موسى بن جعفر ومن ثَمّ إلى أولاده، ولم تأخذ الطريق الطبيعي لها الذي هو انتقال الإمامة من الأب إلى الابن الأكبر.
  • ولكن السؤال المحيّر هنا: لماذا سمي تغيير مسار الإمامة بداءاً ونسبوا شيئاً كهذه إلى الله لإثبات أمر لم يكن إثباته بحاجة إلى انتقاص من سلطان الله، الجواب هنا يكمن في تلك الملابسات والظروف التي حصلت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع، فالإمامة عندما تكون إلهية لا تخضع للانتخاب المباشر، ولا يتغير مسارها بموت الإمام الشرعي، فحينئذ تنتقل الإمامة هذه حسب الناموس الإلهي الذي لا يتغير من الأب إلى الابن، ولهذا قيلت في الإمامة أنها تكوينية أي لا تخضع لمتغيرات الزمان والمكان، شأنها شأن العلّة والمعلول الذاتيين الذي لا ينفك أحدهما عن الآخر، وهذا يعني أن الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معيّن بإرادة الله.
  • وهذا الصراع الفكري حدث بين الشيعة أنفسهم قبل أن يمتد نحو آفاق أوسع قبيل الغيبة الكبرى مباشرة، وذلك عندما بدأ المذهب الإسماعيلي يظهر على ساحة الأفكار الإسلامية ويُهدّد وحدة الشيعة بالتمزق الداخلي، وكان المذهب الإسماعيلي يرى أن الإمامة الإلهية مستمرة بالصورة التي أرادها الله منذ الأزل، وهي في نسل علي وأولاده حسب التسلسل السيني، وهذا يعني أن الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معيّن بإرادة الله، فإذا مات الوريث الشرعي الذي هو إسماعيل فلا يحق لأبيه الصادق لأن يعيّن موسى ابنه الأصغر، بل تنتقل الإمامة إلى الابن الأكبر من ظهر إسماعيل، وبما أن الشيعة تبنت فكرة الإمامة الإلهية بالصورة نفسها، فلكي تخرج من هذا المأزق قالت بفكرة البداء لكي تلقي مسؤولية انتقال الإمامة من إسماعيل بن جعفر إلى موسى بن جعفر على الله وليس على الإمام الصادق ولتفنيد العقيدة الإسماعيلية. وكما يعلم الجميع فإن الإمامة لا زالت مستمرة عند الإسماعيليين حتى هذا اليوم، والإمام عندهم حي حاضر ومن نسل إسماعيل ولم يحيدوا عن هذا المنحنى الفكري الذي أملاه عليهم مذهبهم قيد أنملة.
  • ونعود إلى فكرة البداء، فنقول: إنها ظهرت في أبان ظهور الفرقة الإسماعيلية التي أخذت تناهض الشيعة وتخرق وحدتها، ولذلك لا نجد أثراً لفكرة البداء حتى أوائل القرن الثالث الهجري، وأول إمام يخاطب بشموله للبداء هو الإمام العاشر ومن بعده الحادي عشر، في حين أنه كان من الأجدر والأولى أن يخاطب الإمام موسى بن جعفر بشموله للبداء حيث كان هو موضوعه، فلا الإمام موسى ولا ابنه علي الرضا ولا حفيده محمد الجواد قد خُوطبوا بكلمة فيها إشارة إلى حصول البداء بحقهم، الأمر الذي يؤكد لنا أن اللجوء إلى تبني فكرة البداء إنما حصل عندما أخذ التيار الإسماعيلي يشق طريقه إلى الوجود والظهور في أوائل القرن الثالث الهجري وهو عصر الإمام العاشر والحادي عشر.
  • لقد التجأ بعض أعلام الشيعة إلى البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الإمامة من إسماعيل إلى موسى بن جعفر، في حين أن الإمامة وانتقالها من كابر إلى كابر وبالصورة التي رسمتها الشيعة قبل عهد الصراع بين الشيعة والتشيع لمتكن بحاجة إلى القول بالبداء، وتغيير الإرادة الإلهية، فبوفاة مرشح الإمامة تنتقل الإمامة إلى المرشح الثاني حسب ما يُوصي به الإمام الصادق الذي شاهد وفاة ابنه المرشح للإمامة، ولا شك أنه قال كلمته في الإمام الذي يتولى شؤون الفتيا والفقه بعده، وتعيينه الوارث الشرعي فصل الخطاب.
  • إن موضوع البداء احتلّ جانباً من الكتب الشيعية، وأفرد له بعض الأعلام فصولاً أو كتيباً يدافع عن معنى البداء وفحواه، وانتهى الجدل ذلك إلى الأبحاث الفلسفية والكلامية التي احتلت أجزاءً كثيرة من الكتب الكلامية في الإرادة الإلهية وهكذا الآجال الحتمية والمقدّرة والقدر الذي يدفعه الحذر والبلاء الذي تدفعه الصدقات وما إلى ذلك من كلام يعرفه أهل العلم والفضيلة. كما أن بعض أعلام الشيعة وجد الحل للخروج من مأزق البداء بالتفصيل بين النسخ التشريعي والنسخ التكويني، وقال: إن البداء هو النسخ التكوين. ولست أدري إن الذين كتبوا في البداء هل وجدوا في الآية الكريمة {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}. حلاً لتلك المعضلة إن كانت معضلة أم لا؟. ومهما يكن من أمر فإن الذين كتبوا وألّفوا في البداء لم يُضيفوا إلا أوهاماً على أوهام وسفسطة إلى سفسطة، ولو أنهم وجدوا حل المعضلة بالآية الكريمة التي أسلفناها لكان لهم خير طريق للخروج من مأزق وضعوا أنفسهم فيه، ولم ينته الأمر بهم للخروج منه إلى الطعن في سلطان الله وإنه تعالى كان يريد شيئاً ثم بدا له غيره.
  • ([12]) يقول العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى وغفر له في تعليقه على "مختصر التحفة الاثني عشرية" ص48: لما توفي الحسن العسكري سنة 260 وهو ابن ثلاثين سنة زعمت الشيعة أن له ابناً في سن الطفولة توارى في سرداب بمدينة سامراء وأنه كآبائه معصوم ومصدر تشريع. والرقاع أوراق يكتبون فيها الأسئلة الشرعية ويضعونها ليلاً في ثقب شجرة قريبة من السرداب، ثم يجدون جوابها في الصباح من الطفل صاحب الزمان بزعمهم. والمظنون أن الذين يُجيبون على تلك الرقاع أشخاص ادّعوا أنهم (باب) صاحب الزمان، وأولهم عثمان بن سعيد العمري، ثم ابنه محمد بن عثمان الذي مات سنة 305، فتولى البابية بعده الحسين بن روح النوبختي إلى أن توفي سنة 326، فأوصى بالبابية إلى علي بن محمد السمري فكانت له البابية أو السفارة بين الشيعة والسرداب إلى أن مات السمري سنة 329 وبموته قالوا إنه قد وقعت الغيبة الكبرى لصاحب الزمان. والرقاع المزعومة كثيرة، منها رقاع علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، فإنه كان يُظهر بين حين وآخر رقعة يزعم أنها بخط الطفل صاحب الزمان في جواب سؤاله، وأنه حصل عليها من طريق الحسين بن روح على يد علي بن جعفر بن الأسود. ومن الرقاع رقاع محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري القمي، وقد تكلمنا على الرقاع وقيمتها العلمية في مجلة الفتح العدد 844 الصادر في جمادى الآخرة 1366ه‍.
  • ويقول الأستاذ أحمد الكاتب في كتابه القيّم "تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه" ص227 وما بعدها: اتخذ المؤيدون لنظرية وجود (المهدي) الرسائل التي قالوا إنه قد بعث إليها إلى عدد من الناس دليلاً إضافياً على صحة نظريتهم بوجود (محمد بن الحسن العسكري) ولكننا بعد دراسة هذه الروايات والتحقيق في سندها نكتشف ضعفها بدرجة كبيرة، وإنها ليست إلا إشاعات روّجها أدعياء الوكالة.
  • فإن رواية الطوسي الأولى يرويها عن جماعة لم يسمهم عن أبي محمد التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي، الذي يقول عند علماء الشيعة: إنه ضعيف غالي، بالإضافة إلى أن أحمد بن إسحاق القمي لم يذكر كيفية مراسلة (صاحب الزمان) ومن هو الذي أوصل إليه الجواب، مما يحتمل اختلاقه للرسالة بنفسه.
  • أما الرسالة الثانية فإن الطوسي ينقلها أيضاً عن أحمد بن علي الرازي (الضعيف الغالي) عن عدد من المجهولين، بالإضافة إلى أنها تتضمن أمراً غير معقول هو الاحتكام إلى شخص غير معروف متنازع في وجوده ليثبت هو وجوده. مع احتمال صدور الجواب من أحد أدعياء النيابة. علماً بأن الشك بوجود (ابن الحسن) يقتضي الشك بصدق النواب، فكيف يمكن العودة إلى واحد منهم والوثوق به قبل التأكد من صدقه، والتصديق بما يقدمه من أوراق يدّعي أنها صادرة عن المهدي؟.
  • أما رواية الصدوق المعروفة بـ(التوقيع) فهي ضعيفة لمجهولية وضعف إسحاق بن يعقوب، وعدم ذكر السابقين كالكليني لها، ولتضمن الرواية عدة أمور غير صحيحة هي: أولاً: مدح الناقل للرسالة وهو (النائب الثاني محمد بن عثمان العمري) لنفسه وأبيه، وهو ما يقوي احتمال أن تكون الرسالة من وضعه. ثانياً: إباحة الخمس في عصر الغيبة إلى وقت الظهور، وهذا يخالف استمرارية أحكام الإسلام في كل حين، وقد عدل علماء الشيعة مؤخراً عن الأخذ بهذه الإباحة. ثالثاً: المطالبة بالكف عن السؤال عن علّة الغيبة، مع أن فلسفة الغيبة من الأمور الدينية الضرورية التي لابد من معرفتها على طريق الإيمان بالمهدي. ومن هنا تصبح تلك الرواية – الرسالة – ضعيفة جداً وغير قابلة للاعتماد.
  • وكذلك حال رواية الصدوق الثانية عن العمري، التي ينقلها عن أبي عبد الله جعفر الذي يقول إنه وجدها مثبتة عن سعد بن عبد الله، أي أنه لم يروها مباشرة، وإنما وجدها في كتاب، ومن المعروف في علم الرواية: أن الوجدان في الكتب من أضعف أنواع الرواية، وإضافة إلى ذلك لا يذكر سعد كيف أنه حصل على الرسالة؟ ومن أخبره بها؟، وهو لا يرويها عن العمريين اللذين لا يصرحان بها، وإنما يذكرها عن شخص لم يحدد اسمه، ولكن يفترض أنه (المهدي). وإذا صحت الرواية عن العمريين فإنها قد تكون من تأليفهما دعماً لنظريتهما القائلة بوجود المهدي، وتعزيز ادعائهما بالنيابة عنه، ومن هنا فلا حجة فيها.
  • أما رسائل المفيد، التي يذكرها الطبرسي وابن شهر آشوب في كتبهما، فإن المفيد لم يذكرها في أحد من كتبه، ولو صحت نسبتها إليه فهي لا تحمل في طياتها أي دليل، وذلك لأن المفيد يقول: إنه استلمها من رجل أعرابي لا يعرفه والرسالة بخط غير المهدي يقول إنها من إملاء المهدي عليه، وقد رفض المفيد أن يعرض الرسائل التي أوصلها الأعرابي إليه، على أحد من أصحابه، وقال إن ذلك بأمر المهدي، ولم يبرز إلى الناس سوى رسائل بخط يده قال إن المهدي قد طلب منه أن يفعل ذلك.
  • فإذا صح ذلك... فنحن في الحقيقة أمام رسائل بخط المفيد نفسه يقول إنها نسخ عن رسائل سلمها إليه أعرابي مجهول لا يعرفه المفيد، يقول ذلك الأعرابي إنها من رجل لا يعرفه كتب تلك الرسائل، يقول ذلك الرجل المجهول: إن الإمام المهدي قد أملاها عليه.
  • أي إننا أمام خبر آحاد يرويه المفيد عن رجل مجهول عن رجل مجهول عن المهدي. وهذا ما يُثير عدداً من الاحتمالات: منها: الجعل من قبل المفيد خاصة وأنها تحمل تزكية ومدحاً فائقاً له، ويقدم المهدي اسم المفيد في بعضها على اسمه. ومنها: الجعل من قبل ذلك الأعرابي، أو الجعل من قبل ذلك الرجل المجهول، أو الجعل من قبل رجل ثالث كذب على الكاتب وقال إنه المهدي. وهكذا رواية في منطق علم الدراية غير قابلة للالتفات أو التوقف عندها قليلاً أو كثيراً.
  • وأورد أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى نقطة مهمة هنا، وهي موضوع خط المهدي في رسائله تلك، وتواقيعه الكثيرة المنسوبة إليه، فإن الإنسان المؤمن بالمهدي، وخاصة اليوم، يتوق إلى رؤية خط الإمام، إذ لم يحظ برؤية شخصه، ويتمنى أن يكون التاريخ قد احتفظ ولو بنسخة واحدة من تلك الرسائل والتواقيع، ويرجو أن يكون الشيعة في تلك الأيام قد أدركوا هذه الأهمية وحافظوا على رسائل الإمام في خزانتهم التاريخية، فإنها تُشكل أهم مادة لدراسة تلك المرحلة والتأكد من حقيقة (المهدي) والظروف التي أدت إلى الغيبة.
  • ومن هذا المنطلق حاولت أن أستقصي آثار خطوط المهدي في رسائله وأبحث عن أية نسخة من رسائله، وأتابع (تواقيعه). وكنت أحسب في البداية أو أفترض أن يكون الشيعة في تلك الأيام أو بالأخص (النواب الأربعة) أو الفقهاء أو المحدثون قد اهتموا بالمحافظة عليها والعناية بها، فلم أجد لذلك أثراً، ووجدت غموضاً مريباً يلف هذا الموضوع، ووجدت في (التوقيع) الذي يرويه الطبرسي في (الاحتجاج) عن إسحاق بن يعقوب عن العمري نصاً يقول: "ولا تُظهر على خطنا الذي سطرناه أحداً". وهو يكشف عن خلاف ما كان متوقعاً من الاهتمام بالتعرف على الخط والمحافظة على رسائل المهدي، وعدم وجود خط معين ومعروف للمهدي يمكن الرجوع إليه ومقارنة بقية الرسائل به للتأكد من صحتها. كما وجدت الطوسي يتحدث عن (خط المهدي) بصورة مريبة، حيث يقول: "قال أبو نصر هبة الله: وجدت بخط أبي غالب الرازي: إن العمري كان يتولى هذا الأمر (النيابة) نحواً من خمسين سنة، يحمل الناس إليه أموالهم ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن (ع) بالمهمات في أمر الدين والدنيا، وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة".
  • ولم يقل لماذا كان العمري يفعل ذلك؟ ولماذا لم يكن يخرج التواقيع بخط المهدي؟ ومن المعروف أن التعرّف على خط الإمام الحسن بذاته يكون مشكلة في حياته، إذ كان يلجأ بعض أدعياء النيابة عنه من الغلاة إلى تزوير خطه، وقد وقع الشيعة بسبب ذلك في مشكلة التعرف على خط الإمام العسكري والتأكد من خطه في حياته، فكيف يمكن التعرف على خط (المهدي) الذي لم يره أحد ولم ير خطه ولم يُتأكد من وجوده؟ ولا يملك عامة الناس وسيلة للتحقّق منه؟.
  • ومع وجود هذه الإشكالية الكبيرة فإن العمري لم يكن يُسلم الخطوط والتواقيع إلى أحد، بل كان يبرزها لهم فقط أو يستنسخها بخطه. وقد لجأ المفيد – حسب الرواية المزعومة – إلى هذه الطريقة أيضاً، فقدم نسخاً بخط يده قال إنها منقولة عن رسائل من المهدي لم تكن مكتوبة أساساً بخطه، وإنما كانت إملاء منه على كاتب مجهول.
  • ولو كنا حصلنا على نسخ من خط (المهدي) لكان باستطاعتنا المقارنة بينها والتأكد من حقيقة نسبتها إليه أو التمييز بين الصحيح والمزوّر منها ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
  • ولذلك يمكننا اتخاذ (سرية الخط أو الحرص على إخفائه) دليلاً إضافياً على عدم وجود (محمد بن الحسن العسكري) الذي إن كان موجوداً فعلاً وكان مختفياً وغائباً لأسباب أمنية، لكان لجأ بصورة قاطعة إلى إثبات شخصيته عند الشيعة، وقيادتهم عبر الرسائل الموقعة التي لا تقبل الشك والنقاش، ويمكن معرفتها وتمييزها بواسطة التعرّف على الخط، والمقارنة بينها، كواحدة من الوسائل العديدة التي يثبت بها نفسه.
  • ([13]) قال بهاء الدين العاملي في "الوجيزة في الدراية" ص5: سلسلة السند إمّا إماميون ممدحون بالتعديل فهو صحيح، وإن شذّ أو بدونه كلاً أو بعضاً مع تعديل البقية فحسنٌ.
  • وقال الغريفي في "قواعد الحديث" ص24: والحسن: ما اتصل سنده إلى المعصوم بإمامي ممدوح من غير نص على عدالته، مع تحقق ذلك في جميع مراتبه أو في بعضها، مع كون الباقي من رجال الصحيح.
  • ([14]) قال الخوئي في "معجم رجال الحديث" ج18 ص334: إن المنذر بن جيفر لم يرد فيه توثيق، ولا مدح، ومع ذلك فقد عدّه ابن داود في القسم الأول (1570) ولعله مبني على أصالة العدالة. وقال الوحيد في التعليقة: حسّنه خالي لأن للصدوق طريقاً إليه، وفي رواية الأجلة كصفوان وابن مغيرة وأحمد بن عيسى، وغيرهم عنه، إشعار بكونه من الثقات. انتهى. أقول (الخوئي) من غير مرة إن ذكر الصدوق طريقه إلى أحد، لا يدل على حسنه، مع أن المجلسي في الوجيزة عدّه من المجاهيل، وأما رواية الأجلاء عنه فهي لا تدل على الوثاقة على ما تقدم غيرة أيضاً.
  • ([15]) قال العاملي في "الدراية" ص23: سمّي بذلك لأن راويه ثقة وإن كان مخالفاً، وبهذا فارق الصحيح مع اشتراكهما في الثقة، ويقال له القوي أيضاً لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه، وهو ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بأن كان من إحدى الفرق المخالفة للإمامية وإن كان من الشيعة. وقد يطلق القوي على ما يروي الإمامي غير الممدوح ولا المذموم.
  • ([16]) نوح بن دراج: قاضي بالكوفة وكان يُخفي تشيعه عن المسلمين، قال ابن داود الحلّي في رجاله ص197: نوح بن دراج كان قاضي وعندي فيه توقف، وقال الخوئي في معجم رجال الحديث 19/119: مجهول الحال.
  • انظر ترجمته: إيضاح الاشتباه ص134، جامع الرواة 2/296، تهذيب المقال 5/319، التحرير الطاووسي 578، مشايخ الثقات 146، الكنى والألقاب 1/283، الخلاصة: 34، رجال الطوسي: 163، 346، رجال الكشي: 251، رجال النجاشي 1: 310، الفهرست: 80، الإيضاح: 81، نقد الرجال للتفرشي 5/20 .
  • ([17]) يكنى بأبي حبيب الأسدي وهو غير معروف كما تنص الكتب الشيعية الرجالية انظر: اختيار معرفة الرجال للطوسي 2/478، رجال الطوسي 219، الفهرست للطوسي 371، خلاصة الأقوال للحلّي 175، جامع الرواة للأردبيلي 2/375، رجال النجاشي 1/422، رجال ابن داود الحلّي 195، التحرير الطاووسي 584، سماء المقال في علم الرجال 2/451، معجم رجال الحديث للخوئي 20/129 .
  • ([18]) "الدراية" 24 .
  • ([19]) الكافي 7/114، التهذيب للطوسي 9/211، وانظر: دعائم الإسلام للقاضي النعمان 2/278، من لا يحضره الفقيه 4/281، الاستبصار 4/162 .
  • ([20]) وهذا دأب علماء الرجال عند الشيعة، ولم ينفرد الكشي بإيراد المتناقضات في الرجل الواحد، والمشكلة لمتتبع التراجم في كتب الشيعة أنه ما من ذم يرد في رجل ممدوح عندهم إلا قالوا إن هذا الكلام ورد مورد تقيّة ليدفعوا عنه تهمة التشيع ولئلا يكون موضع تهمة وشبهة عند المسلمين.
  • ([21]) تزعم الشيعة أن علياً رضي الله عنه بعدما فرغ من جمع القرآن عرضه على الصحابة رضي الله عنهم جميعاً فرفضوا هذا الجمع، لأن فيه (على حد زعم الشيعة) فضائح المهاجرين والأنصار، وإنهم بعد ذلك طلبوا من علي رضي الله عنه أن يأتيهم بالقرآن فأبى خشية أن تمتد أيديهم إليه بالتحريف وأخبرهم أن القرآن سوف يخرجه كاملاً خرافة السرداب ليقرأه الشيعة كما أنزل، وفي ذلك يقول الطبرسي في كتاب "الاحتجاج" 1/225-228: لما توفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار، وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت – وكان قارياً للقرآن – فقال له عمر: إن علياً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونُسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار، فأجابه زيد إلى ذك. ثم قال: فإن أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل كل ما عملتم؟ قال عمر: فما الحيلة؟ قال زيد: أنتم أعلم بالحيلة. فقال عمر: ما حيلته دون أن نقتله ونستريح منه، فدبّر في قتله على يد خالد بن الوليد فلم يقدر على ذلك، وقد مضى شرح ذلك.
  • فلما استخلف عمر سأل علياً عليه السلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه، فقال عليه السلام: هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا ما جئتنا به، إن القرآن الذي عندي لا يمسّه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي. قال عمر: فهل لإظهاره وقت معلوم؟. فقال عليه السلام: نعم، إذا قام القائم من ولدي، يُظهره ويحمل الناس عليه، فتجري ألسنة به صلوات الله عليه.
  • وقد ذكر هذه الرواية: الفيض الكاشاني في المقدمة السادسة من تفسيره الصافي 1/43-44، المجلسي في بحار الأنوار 8/463 و92/42، محمد باقر الأبطحي في جامع الأخبار والآثار 1/44-45، الأصفهاني في مكيال المكارم 1/59-60، الحويزي في تفسيره نور الثقلين 5/226، العاملي في مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار 38، البحراني في الدرر النجفية 298، حبيب الله الخوئي في منهاج البراعة 2/208، عدنان البحراني في مشارق الشموس الدرية 138 وغيرهم من علماء الشيعة.
  • ([22]) مثل سورة الولاية.
  • ([23]) إن مسألة جمع القرآن من قبل عثمان رضي الله عنه من المآثر والمناقب التي يجب أن تُكتب بمداد من الذهب في سجل تاريخ هذا الصحابي رضي الله عنه، ولكنها في نظر أحفاد ابن سبأ مثلبة يتفوه بها ويسطرها الحاقدون في ثنايا بحثهم عن حياة عثمان رضي الله عنه ويروجون لها ويجعلونها من المطاعن.
  • وأما الباعث على إقدام عثمان رضي الله عنه على جمع القرآن، فيروي البخاري (الفتح 9/11): أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالمصحف لنسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط من القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق.
  • وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (عثمان بن عفان رضي الله عنه ص234 وما بعدها) رواية أخرى: عن محمد وطلحة قالا: وصرف حذيفة من غزو الرّي إلى غزو الباب مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة، وخرج معه سعيد بن العاص فبلغ معه أذربيجان – وكذلك كانوا يصنعون يجعلون للناس ردءاً (العون والناصر) – فأقام حتى قفل حذيفة ثم رجعا، فقال له حذيفة: إني سمعت في سفرتي هذه أما لئن ترك الناس ليضلن القرآن ثم لا يقومون عليه أبداً. قال: وما ذاك؟ قال: رأيت أمداد أهل الشام حين قدموا علينا، فرأيت أناساً من أهل حمص يزعمون لأناس من أهل الكوفة أنهم أصوب قراءة منهم، وأن المقداد أخذها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويقول الكوفيون مثل ذلك. ورأيت من أهل دمشق قوماً يقولون لهؤلاء: نحن أصوب منكم قراءة، وقرآنا، ويقول هؤلاء لهم مثل ذلك.
  • فلما رجع الكوفة دخل المسجد فتقوّض إليه الناس فحذّرهم ما سمع في غزاته تلك، وحذّرهم ما يخاف، فساعده على ذلك أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن أخذ عنهم وعامة التابعين.
  • وقال له أقوام ممن قرأ على عبد الله (ابن مسعود): وما تنكر؟ ألسنا نقرأ على قراءة ابن أم عبد، وأهل البصرة يقرؤون على قراءة أبي موسى ويسمونها لباب الفؤاد، وأهل حمص يقرؤون على قراءة المقداد وسالم؟.
  • فغضب حذيفة من ذلك وأصحابه وأولئك التابعون، وقالوا: إنما أنتم أعراب، وإنما بعث عبد الله إليكم ولم يبعث إلى من هو أعلم منه، فاسكتوا فإنكم على خطأ.
  • وقال حذيفة: والله لئن عشت حتى آتي أمير المؤمنين لأشكون إليه ذلك، ولأمرنه ولأشيرن عليه أن يحول بينهم وبني ذلك حتى ترجعوا إلى جماعة المسلمين والذي عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة. وقال الناس مثل ذلك.
  • فقال عبد الله: والله إذاً ليصلينّ الله وجهك نار جهنم.
  • فقال سعيد بن العاص: أعلى الله تألّى (أي تحلف وتحكم) والصواب مع صاحبك.
  • فغضب سعيد فقام، وغضب ابن مسعود فقام، وغضب القوم فتفرقوا، وغضب حذيفة فرحل إلى عثمان حتى قدم عليه فأخبره بالذي حدث في نفسه من تكذيب بعضهم بعضاً بما يقرأ، ويقول أنا النذير العريان (مثل يُضرب في التحذير من خطر محدق بدلائل واضحة مكشوفة) فأدركوا.
  • فجمع عثمان الصحابة وأقام حذيفة فيهم بالذي رأى وسمع، وبالذي عليه حال الناس، فأعظموا ذلك ورأوا جميعاً مثل الذي رأى. وأبوا أن يتركوا ويمضي هذا القرن لا يعرب القرآن.
  • فسأل عثمان: ما لباب الفؤاد؟
  • فقيل: مصحف كتبه أبو موسى – وكان قرأ على رجال كثير ممن لم يكن جمع على النبي صلّى الله عليه وسلّم -.
  • وسأل عن مصحف ابن مسعود، فقيل له: قرأ على مجمع بن جارية. وخباب بن الأرت جمع القرآن بالكوفة فكتب مصحفاً.
  • وسأل عن المقداد، فقيل له: جمع القرآن بالشام، فلم يكونوا قرؤوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، إنما جمعوا القرآن في أمصارهم.
  • فاكتتبت المصاحف وهو في المدينة – وفيها الذين قرؤوا القرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم – وبثّها في الأمصار، وأمر الناس أن يعمدوا إليها، وأن يدعوا ما تعلم في الأمصار، فكل الناس عرف فضل ذلك، أجمعوا عليه وتركوا ما سواه، إلا ما كان من أهل الكوفة فإن قرّاء قراءة عبد الله نزوا في ذلك حتى كادوا يتفضلون على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعابوا الناس، فقام فيهم ابن مسعود فقال: ولا كل هذا، إنكم والله قد سبقتم سبقاً بيننا، فأربعوا على ظلعكم (أي أرفقوا على أنفسكم فيما تحاولونه).
  • ولما قدم المصحف الذي بعث به عثمان على سعيد واجتمع عليه الناس، وفرح به أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، بعث سعيد إلى ابن مسعود يأمره أن يدفع إليه مصحفه، فقال: هذا مصحفي، تستطيع أن تأخذ ما في قلبي؟
  • فقال له سعيد: يا عبد الله، والله ما أنا عليك بمسيطر، إن شئت تابعت أهل دار الهجرة وجماعة المسلمين، وإن شئت فارقتهم. وأنت أعلم. انتهى
  • ولقد عزّ على ابن مسعود رضي الله عنه أن لا يكون ضمن اللجنة التي كلفها عثمان رضي الله عنه، ولعثمان رضي الله عنه من الأعذار الشيء الكثير، ويقول الأستاذ الفاضل عبد الستار الشيخ في كتابه القيّم "عبد الله بن مسعود" ص122 وما بعدها: ولعثمان كان له العذر في ذلك لأمور عدة:
  • 1 - تم الجمع بالمدينة المنورة، وابن مسعود بالكوفة، والأمر لا يحتمل التأخير ريثما يرسل إليه عثمان ليحضر الجمع.
  • 2 - ثم إن عثمان إنما أراد نسخ الصحف التي كانت في عهد أبي بكر (رضي الله عنه)، وأن يجعلها مصحفاً واحداً، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبي بكر هو زيد بن ثابت (رضي الله عنه) لكونه كان كاتب الوحي، فكانت له في ذلك أولية ليست لغيره.
  • 3 - وزيد شهد – بيقين – العرضة الأخيرة التي بيّن فيها ما نسخ وما بقي، وكتبها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقرأها عليه، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات.
  • 4 - ثم إن ابن مسعود قد أخذ من فِيّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بضعاً وسبعين سورة، واستكمل القرآن من الصحابة فيما بعد، بينما حفظ زيد القرآن كله والنبي صلّى الله عليه وسلّم حيّ، وهذا مما يضاف إلى مبررات عثمان (رضي الله عنه) بالاعتماد على زيد.
  • 5 - ثم إن زيداً (رضي الله عنه) كان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو إمام في الرسم، وابن مسعود إمام في الأداء، وجمع عثمان كان يقتضي الميزة التي عند زيد. لذا أمر بالكتابة، وأمر سعيد بالإملاء عليه، وسعيد أشبه الناس لهجة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتوفّرت للجمع العثماني كافة الشروط: الرسم والإملاء، وهذا يعني أن عدم حضور ابن مسعود لن يحدث خللاً في كفاءة وتكامل لجنة الجمع العثماني.
  • 6 - ثم إن ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ بلهجة هُذيل، والمصحف كُتب بلغة قريش عند الاختلاف، وليس لعبد الله (رضي الله عنه) أن يحمل الأمة على أن يقرؤوا بلهجته، بل لهجة النبي صلّى الله عليه وسلّم أولى بذلك، علماً بأن لعبد الله (رضي الله عنه) قراءات شاذة مثل (عتى حين) بدلاً من (حتى حين).
  • 7 - وناحية هامة هي أن رضى الصحابة رضي الله عنهم جميعاً بصنيع عثمان (رضي الله عنه) في تحريق المصحف دليل خيرية ذلك الفعل وصوابه، فأمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا تجتمع على ضلالة. ومما يؤكد هذه الناحية إجماع الخلفاء الراشدين على جمع المصحف، واتفاق آخر خليفتين منهم على تحريق ما سوى المصحف الإمام. وفعلهم هذا واجب الاقتداء به كما قال عليه السلام: ”عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي“.
  • 8 - زد على ذلك أنه علم الصحابة بموقف عبد الله ذاك، وأنه أمر بغلّ المصاحف، كرهوا ذلك منه، وما رضوه فقد قال الزهري: "فبلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم". وينقل ابن كثير عن علقمة قال: "قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء، فقال: كنا نعدّ عبد الله حناناً، فما باله يواثب الأمراء".
  • ولكن لا يُفهم من ذلك كله أن زيداً مُقدّم على ابن مسعود، فليس رابط بين هذا وذاك، وعبد الله أفضل من زيد، وفي ذلك يقول أبو بكر الأنباري: ولم يكن اختيار زيد من جهة أبي بكر وعمر وعثمان (رضي الله عنهم) على عبد الله بن مسعود في جمع القرآن – وعبد الله أفضل من زيد وأقدم في الإسلام، وأكثر سوابق، وأعظم سوابق، وأعظم فضائل – إلا لأن زيد كان أحفظ للقرآن من عبد الله. إذ وعاه كلّه ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيّ، والذي حفظه عنه عبد الله في حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم نيّف وسبعون سورة، ثم تعلّم الباقي بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. فالذي ختم القرآن وحفظه ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيّ أولى بجمع المصحف وأحق بالإيثار والاختيار. ولا ينبغي أن يظن جاهل أن في هذا طعناً على عبد الله بن مسعود، لأن زيداً إذا كان أحفظ للقرآن منه، فليس ذلك موجباً لتقدّمه عليه، لأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كان زيد أحفظ منهما للقرآن، وليس هو خيراً منهما، ولا مساوياً لهما في الفضائل والمناقب.
  • وأما بالنسبة للمنهج الذي اتبعته اللجنة فيمكن تلخيصه على النحو التالي (باختصار عن "الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم" للأستاذ لبيب السعيد ص71 وما بعدها).
  • 1 - الاعتماد على عمل اللجنة الأولى التي تولّت الجمع على عهد أبي بكر، أي على ربعة حفصة والتي هي مستندة إلى الأصل المكتوب بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم.
  • 2 - أن يتعاهد اللجنة خليفة المسلمين نفسه.
  • 3 - أن يأتي كل من عنده شيء من القرآن سمعه من الرسول صلّى الله عليه وسلّم بما عنده، وأن يشترك الجميع في علم ما جُمع، فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء، ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف، ولا يشك في أنه جمع عن ملأ منهم.
  • 4 - إذا اختلفوا في أية آية، قالوا: هذه أقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلاناً، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيُقال له: كيف أقرأك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا وكذا... فيكتبونها، وقد تركوا لذلك مكاناً.
  • 5 - يُقتصر – عند الاختلاف – على لغة قريش.
  • 6 - والمقصود من الجمع على لغة واحدة: الجمع على القراءة المتواترة المعلوم عند الجميع ثبوتها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإن اختلفت وجوهها، حتى لا تكون فرقة واختلاف، فإن ما يُعلم أنّه قراءة ثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يختلفون فيها، ولا يُنكر أحد منهم ما يقرأه الآخر.
  • 7 - وعند كتابة لفظ تواتر – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم – النطق به، على أكثر من وجه، تُبقي اللجنة هذا اللفظ خالياً من أية علامة تقصر النطق به على وجه واحد، لتكون دلالة اللفظ الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسوغين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المفهومين.
  • 8 - وخشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد، يُمنع عن كتابة ما يأتي، فضلاً عن قراءته وسماعه:
  • * ما نسخت تلاوته.
  • * وما لم يكن في العرضة الأخيرة.
  • * وما لم يثبت من القراءات، وما كانت روايته آحاداً.
  • * وما لم تُعلم قرآنيته، أو ما ليس بقرآن، كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة، شرحاً لمعنى أو بياناً لناسخ أو منسوخ أو نحو ذلك.
  • 9 - فيما خلا ما يختلف فيه أعضاء اللجنة، وما يختلف فيه أعضاء اللجنة، وما تصدر تعليمات الخليفة المُعبّرة عن رأي الصحابة صريحة الاقتصار على لغة قريش، يشتمل الجمع على الأحرف التي نزل عليها القرآن وذلك على النحو التالي:
  • * الكلمات التي اشتملت على أكثر من قراءة تجعل خالية من أية علامات ضابطة تحدد طريقة واحدة للنطق بها، وبذلك تكون هذه الكلمات محتملة لما اشتملت عليه من القراءات، وتُكتب برسم واحد في جميع المصاحف.
  • * الكلمات التي تضمنت قراءتين أو أكثر، والتي لم تُنسخ في العرضة الأخيرة، والتي لا يجعلها تجريدها من العلامات الضابطة محتملة لما ورد فيها من القراءات لا تُكتب برسم واحد في جميع المصاحف، بل تُرسم في بعض المصاحف برسم يدلّ على قراءة، وفي بعضها برسم آخر يدلّ على القراءة الأخرى.
  • 10 - في شأن ترتيب كل آيات يلتزم ما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد اتّبعه في العرضة الأخيرة، في السنة التي توفي فيها، ويعتبر هذا الترتيب توقيفاً من الله.
  • وكذلك تلتزم اللجنة في ترتيب السور ما كان في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
  • ولما لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أفصح بأمر سورة براءة، ولم تكن مبدوءة بالبسملة، وهي علامة بدء كل سورة، فإن هذه السورة تُضاف إلى سورة الأنفال اجتهاداً من الخليفة.
  • 11 - بعد الفراغ من كتابة المصحف الإمام، وقبل حمل الناس على كتابة المصحف على نمطه، يراجعه زيد بن ثابت رضي الله عنه ثلاث مرات، ثم يراجعه خليفة المسلمين بنفسه أماناً من النسيان والخطأ.
  • وقد حدث بعد المراجعة الأولى من زيد رضي الله عنه أنه لم يجد فيه آية (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) قال زيد رضي الله عنه: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها عند خزيمة بن ثابت، فكتبتها.
  • وبعد المراجعة الثانية، لم يجد زيد رضي الله عنه هاتين الآيتين: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) إلى آخر السورة، قال زيد: فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضاً، فأثبتها في آخر براءة.
  • أما المراجعة الثالثة فلم تكشف عن شيء.
  • ([24]) رجال الكشي 8، الكافي ج2: 244، الاختصاص: 6، 10، تأويل الآيات ج1: 123، الرواشح السماوية: 71، 141، بحار الأنوار ج22: 333، 351، 352، 400، ج28، 236، ج64: 165، ج108: 306، 308، ج110: 6، كتاب الأربعين: 291 .
  • ([25]) فصل الخطاب 256، تفسير البرهان 1/451 .
  • ([26]) أي الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً.
  • ([27]) انظر كتابنا "الشيعة والمتعة".
  • ([28]) انظر كتابنا "شبهات حول الصحابة والرد عليها" (أبو بكر الصديق ص148 وما بعدها).
  • ([29]) ذهب أكثر علماء الشيعة أمثال الكليني صاحب الكافي، والقمي صاحب التفسير، والمفيد، والطبرسي صاحب الاحتجاج، والمجلسي، وغيرهم من علماء الشيعة إلى القول بتحريف القرآن، وأنه أُسقط من القرآن الكريم كلمات بل آيات، حتى إن بعض علمائهم المتأخرين ويلقبونه بخاتمة المحدّثين، النوري الطبرسي صنّف كتباً أسماه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"، أورد فيه كلام علماء الشيعة القائلين بالتحريف، غير أن بعض علماء الشيعة أمثال الطوسي صاحب التبيان، والمرتضى الذي هو ثاني اثنتين شاركاً في تأليف "نهج البلاغة" المنسوب زوراً وبهتاناً إلى علي رضي الله عنه، والطبرسي صاحب مجمع البيان، والبعض منهم في العصر الحاضر أنكروا التحريف.
  • ربما يظن القارئ المسلم أن ذلك الإنكار صادر عن عقيدة، بل إن الواقع إنما صدر منهم ذلك لأجل التقية التي يحتمون بها لاسيما من المسلمين.
  • وفي ذلك نقل النوري عن الجزائري صاحب "الأنوار النعمانية" قوله: إن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن.
  • وقال الجزائري أيضاً: إن الأخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفي حديث وادّعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقّق الدامادا والعلامة المجلسي وغيرهم، بل الشيخ (الطوسي) أيضاً صرّح في التبيان بكثرتها، بل ادّعى تواترها جماعة. (فصل الخطاب للنوري 227).
  • وأما إنكار المرتضى للتحريف فيرد عليه أحد علماء الشيعة الهنود في كتابه "ضربة حيدرية" 2/81 بقوله: فإن الحق أحق أن بالاتباع، ولم يكن السيد علم الهدى معصوماً حتى يجب أن يُطاع، فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا اتباعه ولا خير فيه".
  • ربما يقول بعض المخدوعين بأن الشيعة ليس لديهم إلا القرآن المتداول بين المسلمين وليس عندهم قرآن خاص، فيقرأونه كسائر الناس، والجواب نتركه لشيخهم المسمى "المفيد" الذي يقول في كتابه "المسائل السرورية" ص81-82:
  • إنهم (أي أئمة الشيعة) أمروا بقراءة ما بين الدفتين، وأن لا يتعداه إلى زيادة فيه ولا نقصان منه حتى يقوم القائم عليه السلام فيقرأ للناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام. وإنما نهونا عليهم السلام عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر، وإنما جاء بها الآحاد، وقد يغلط الواحد فيما ينقله. ولأنه متى قرأ الإنسان بما خالف ما بين الدفتين غرر بنفسه وعرض نفسه للهلاك. فنهونا عليهم السلام عن قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين الدفتين لما ذكرناه.
  • ويقول أيضاً نعمة الله الجزائري في "الأنوار النعمانية" 2/363: قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا من القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويُخرج القرآن الذي ألّفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرأ ويعمل بأحكامه.
  • ويقول المجلسي: ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرّر بنفسه مع أهل الخلاف (أي أهل السنة) وأغرى به الجبارين وعرّض نفسه للهلاك، فمنعونا عليهم السلام عن قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين الدفتين لما ذكرناه. (مرآة العقول 3/31، بحار الأنوار ج92 ص65).
  • ويقول حسن العصفور البحراني في كتابه "الفتاوي الحسينية في العلوم المحمدية" ص156: ويجب أن يقرأ بأحد القراءات المُدّعى تواترها المقبولة عندهم ولا يجوز أن يقرأ بغيرها وإن كان هي القراءة المُنـزّلة الأصلية الثابتة عن أهل الذكر عليهم السلام لأن الزمان زمان هدنة وتقية ولهذا أتى الأمر منهم عليهم السلام بالقراءة كما يقرأ الناس حتى يأتيكم من يُعلّمكم.
  • وإن عند الشيعة مصحفاً آخر يُسمّى "مصحف فاطمة" ويمكن للقارئ الكريم مراجعة المصادر التالية، وهي كلها مراجع شيعية ليس بينها مرجعاً إسلامياً واحداً: بصائر الدرجات: 173، 174، 176، 177، 179، 180، 181، 190. الإمامة والتبصرة: 12. الكافي ج1: 239، 240، 241، ج8: 58. من لا يحضره الفقيه 4: 319. الخصال: 528. معاني الأخبار: 103. روضة الواعظين: 211. خاتمة المستدرك ج23: 315. الإيضاح: 461، 462. شرح الأخبار ج1: 241. الإرشاد ج2: 186. إعلام الورى بأعلام الهدى ج1: 536. الاحتجاج ج2: 134. الخرائج والجرائح ج2: 894. مناقب آل أبي طالب ج3: 374. كشف الغمة ج2: 384. الصراط المستقيم ج1: 105. تأويل الآيات ج1: 102، 374. ج2: 723، 724. المحتضر: 114. الفصول المهمة في أصول الأئمة ج1: 506، 509. مدينة المعاجز ج2: 267، ج5: 329، 330. ينابيع المعاجز: 127، 129، 130، 131، 132، 195. بحار الأنوار ج22: 546. ج26: 18، 38، 39، 40، 41، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 156. ج35: 35. ج37: 176. ج43: 79، 80، 195. ج47: 32، 65، 271، 272. ج108: 360. ج109: 67. شرح زيارة الجامعة ج1: 82. مصباح الهداية: 225. معجم أحاديث الإمام المهدي ج3: 388.
  • وعند الشيعة قصة شهيرة تسمّى "الجزيرة الخضراء" وهي جزيرة خاصة بمهدي الشيعة وأبنائه، اخترعها أحد رواة الشيعة وهو علي بن فاضل المازندراني، وهي قصة طويلة جداً سمجة ركيكة، وقد رأى هذا الراوي أحد أبناء مهدي الشيعة والمسمّى شمس الدين محمد، وقد ورد في هذه القصة أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قد أجمعوا على تحريف القرآن وأسقطوا منه الآيات الدالة على فضل آل البيت رضوان الله عليهم، وحذفوا فضائح المهاجرين والأنصار.
  • ونذكر باختصار من ذكرها لكي يطمئن الذين في قلوبهم شك من ذلك: محمد باقر المجلسي في كتابه بحار الأنوار 52/159. محمد مكي الملقّب عند الشيعة بالشهيد الأول في الأمالي بإسناده عن علي بن فاضل. محمد كاظم الهزارجريبي في كتاب المناقب. النوري الطبرسي في كتابه جنّة المأوى ص181. الكركي والملقّب عند الشيعة بالمحقق الثاني في كتابه ترجمة الجزيرة الخضراء. شمس الدين محمد بن أمير أسد الله التستري في كتابه رسالة الغيبة وإثبات وجود صاحب الزمان. نور الله المرعشي في كتابه مجالس المؤمنين. مير لوحي في كتابه المهتدي في المهدي. ميرزا محمد رضا في كتابه تفسير الأئمة لهداية الأمة. الحر العاملي في كتابه إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات. هاشم البحراني في كتابه تبصرة الولي في من رأى القائم المهدي. نعمة الله الجزائري في رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار. محمد هاشم الهروي في كتابه إرشاد الجهلة المصرّين على إنكار الغيبة والرجعة. عبد الله بن الميرزا عيسى بيك في كتابه رياض العلماء وحياض الفضلاء. أبو الحسن الفتوني العاملي في كتابه ضياء العالمين. عبد الله بن نور الله البحراني في كتابه عوالم العلوم والمعارف. شبر بن محمد الحويزي في كتابه رسالة الجزيرة الخضراء. الوحيد البهبهاني في كتابه الحاشية على مدارك الأحكام، وقد استشهد بهذه القصة على أدلة وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة. محمد عبد النبي (!!!) النيسابوري في كتابه الكتاب المبين والنهج المستبين. أسد الله الكاظمي في كتابه مقابيس الأنوار ونفائس الأسرار. عبد الله شبر في كتابه جلاء العيون. أسد الله الجيلاني الإصفهاني في كتابه الإمام الثاني عشر المهدي. مير محمد عباس الموسوي اللكهنوي في كتابه نسيم الصبا في قصة الجزيرة الخضراء. إسماعيل النوري الطبرستاني في كتابه كفاية الموحدين في عقائد الدين. علي بن زين العابدين في كتابه إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب. مصطفى الحيدري الكاظمي في كتابه بشارة الإسلام في ظهور صاحب الزمان. محمد تقي الموسوي الإصفهاني في كتابه مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم. علي أكبر النهاوندي في كتابه العبقري الحسان في تواريخ صاحب الزمان. بحر العلوم في كتابه تحفة العالم في شرح خطبة العالم. الفيض الكاشاني في كتابه النوادر في جمع الحديث. يوسف البحراني في كتابه أنيس المسافر وجليس الخواطر ويسمّى الكشكول أيضاً. هاشم البحراني في كتابه حلبة الأبرار في أحوال محمد صلّى الله عليه وسلّم وآله الأطهار. محسن العصفور في كتابه ظاهرة الغيبة ودعوى السفارة، وهو معاصر. محمد صالح البحراني في كتابه حصائل الفكر في أحوال الإمام المنتظر. الخوانساري في روضات الجنان في ترجمة المرتضى. محمد ميرزا التكابني في كتابه قصص العلماء في ترجمة وأحوال جعفر بن يحيى بن الحسن. محمد تقي المامقاني في كتابه صحيفة الأبرار. محمد هادي الطهراني في كتابه محجة العلماء 140. بحر العلوم في الفوائد الرجالية 3/136. محمد الغروي في كتابه المختار من كلمات المهدي 2/116 و447. عبد الله عبد الهادي في كتابه المهدي وأطباق النور 55، 56، 102. الأردبيلي في كتابه حديقة الشيعة 729. زين الدين النباطي في كتابه الصراط المستقيم لمستحقي التقديم 2/264-266. أسد الله التستري في كتابه كشف القناع 231. محمد رضا الحكيمي في كتابه حياة أُولي النهى الإمام المهدي 512. حسن الأبطحي في كتابه المصلح الغيبي وكتابه الكمالات الروحية. ياسين الموسوي في هامش النجم الثاقب للنوري الطبرسي 2/172.
  • ونتحف القراء الكرام ببعض أسماء علماء الشيعة وكتبهم الذين يقولون بالتحريف لئلا يطول بنا المقام، ومن أراد الاستزادة فعليه بمراجعة كتابنا "الشيعة وتحريف القرآن" حيث ذكرنا أقوالهم بالتفصيل.
  • (1) الكليني في الكافي حيث ذكر الكثير من روايات التحريف والآيات المحرّفة على حد زعمه دون أن يعلّق عليها.
  • (2) القمي في تفسيره 1/10.
  • (3) أبو القاسم الكوفي في كتابه "الاستغاثة في البدع الثلاثة" ص25.
  • (4) المفيد في كتابه "أوائل المقالات" ص13، وكتابه المسائل السروية 81-82.
  • (5) الأردبيلي في كتابه "حديقة الشيعة" 118-119.
  • (6) علي أصغر في كتابه "عقائد الشيعة" ص27.
  • (7) الطبرسي في كتابه "الاحتجاج" 1/222.
  • (8) الكاشاني في "تفسير الصافي" 1/32 (الطبعة القديمة). وكتابه "هداية الطالبين" ص368.
  • (9) المجلسي في "تذكرة الأئمة" ص49 و"حياة القلوب" 2/681، وفي كتابه "بحار الأنوار" العشرات بل المئات من روايات التحريف وذكر الآيات المحرّفة على حد زعم الشيعة.
  • (10) نعمة الله الجزائري "الأنوار النعمانية" 2/257.
  • (11) أبو الحسن العاملي في المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار 36، وطبعت كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.
  • (12) الخراساني في كتابه "بيان السعادة في مقامات العبادة" 1/12.
  • (13) علي اليزدي الحائري في كتابه "إلزام الناصب" 1/2، 477/259 و266.
  • (14) حسين الدوردآبادي في كتابه "الشموس الساطعة" ص425.
  • (15) محمد كاظم الخراساني في "كفاية الأصول" 284-285.
  • (16) ميرزا حبيب الله الخوئي في كتابه "منهاج البراعة" 2/119-121.
  • (17) عدنان البحراني في كتابه "مشارق الشموس الدرية" ص125 و135.
  • (18) ميرزا محمد الإصفهاني في كتابه "مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم" 1/58-62، 204، 218، 233.
  • (19) المازندراني في كتابه "نور الأبصار" ص426، 428، 439، 442، وفي كتابه "الكوكب الدري" 2/56.
  • (20) علي البهبهاني في كتابه "مصباح الهداية" ص246، 277.
  • (21) أحمد المستنبط في كتابه "القطرة في مناقب النبي والعترة" 1/112 و234-235 و2/379.
  • (22) ابن شاذان في "الفضائل" 151.
  • (23) مرتضى الأنصاري في "فرائد الأصول" 1/66.
  • (24) يوسف البحراني في "الدرر النجفية" 294-296.
  • (25) الحر العاملي في "الفوائد الطوسية" 483.
  • (26) حسين الدرازي في "الأنوار الوضية" 27.
  • (27) ميرزا حسن الإحقافي في "الدين بين السائل والمجيب" 944.
  • (28) عبد الحسين (!!!) دستغيب في "أجوبة الشبهات" 132.
  • (29) محمد رضا الحكيمي في "القرآن خواصه وثوابه" 242.
  • (30) علي الكوراني في "عصر الظهور" 88.
  • (31) محمد باقر الأبطحي في "جامع الأخبار" 267 و280-281.
  • (32) محمد حسين الأعلمي في "دائرة المعارف" ج14 ص313-315.
  • (33) محمد الغروي في "المختار من كلمات الإمام المهدي" 2/342.
  • (34) جواد الشاهرودي في "الإمام المهدي وظهوره" 191-192 و255.
  • وأيضاً في كتابه "المراقبات من دعاء المهدي" 175.
  • (35) محمد تقي المدرسي في "النبي وأهل بيته" 1/161-162.
  • (36) محمد علي دخيل في "الإمام المهدي" 205.
  • (37) عز الدين بحر العلوم في "أنيس الداعي والزائر" 104.
  • (38) أحمد الجزائري في "قلائد الدرر" 1/21.
  • (39) داود المير صابري في "الآيات الباهرة" 124، 291، 374.
  • (40) محمد علي أسبر في "الإمام علي في القرآن والسنة" 1/112، 141، 153، 154، 215، 365.
  • (41) عز الله العطاردي في "مسند الإمام الرضا" 1/522، 586.
  • (42) بشير المحمدي في "مسند زرارة بن أعين" 102.
  • (43) أبو طالب التبريزي في "من هو المهدي" 520.
  • وللوقوف على نماذج من الآيات المحرّفة عند الرافضة يرجى الرجوع إلى كتابنا "أيلتقي النقيضان".
  • ([30]) هو هشام بن سالم الجواليقي، والجواليقي نسبة إلى بيع الجواليق، جمع جولق وهو وعاء معروف يُعمل من صوف لحمل الأمتعة، والنسبة إلى الجواليق باعتبار بيعها أو صنعها، والعلاّف بفتح العين وتشديد اللام: بائع علف الماشية.
  • اتفقت الشيعة على مدحه وتوثيقه، وقد نصّ على ذلك جمعٌ من الرافضة مثل: الكشي في رجاله ص238 ترجمة رقم 132، ابن داود الحلّي في القسم الأول من رجاله ص100 ترجمة رقم 1676، الأردبيلي في جامع الرواة ج2 ص315 ترجمة رقم 2243، القبائي في مجمع الرجال ج6 ص238، النجاشي في رجاله ص305، الطوسي في الفهرست ص207 ترجمة رقم 781، الحر العاملي في خاتمة الوسائل ج20 ص362 ترجمة رقم 1235، المامقاني في تنقيح المقال ج3 ص302 ترجمة رقم 13858، أبو طالب التبريزي في معجم الثقات ص128 ترجمة رقم 874، عباس القمي في سفينة البحار ج2 ص720، الخوئي في معجم رجال الحديث ج19 ص297 ترجمة رقم 13332، وإليه تُنسب الفرقة الهاشمية بالاشتراك مع هشام بن الحكم المتكلم الشيعي، وهو ممن نسج على منواله في التجسيم والتشبيه، حيث وصف الله تبارك وتعالى بأنه على صورة إنسان أعلاه مجوّف وأسفله مصمت، وأنه لا يعلم بالأشياء إلا بعد حدوثها أو ما يسمّى عند الرافضة بالبداء.
  • قال عنه الشيخ عبد القاهر البغدادي رحمه الله تعالى في "الفرق بين الفرق" ص51-52: هذا الجواليقي مع رفضه على مذهب الإمامية مُفرط في التجسيم والتشبيه، لأنه زعم أن معبوده على صورة الإنسان ولكنه ليس بلحم ولا دم، بل هو نور ساطع بياضاً. وزعم أنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان وله يد ورجل وعين وأُذن، وأنه يسمع بغير ما يُبصر به، وكذلك سائر حواسه متغايرة. وإن نصفه الأعلى مجوّف ونصف الأسفل مصمت. وحكى أبو عيسى الوراق: أنه زعم أن لمعبوده وفرة سوداء وأنه نور أسود وباقيه نور أبيض. وحكى شيخنا أبو الحسن الأشعري في مقالاته: أن هشام بن سالم قال في إرادة الله تعالى بمثل قول هشام بن الحكم وهي: أن إرادته حركة وهي معنى لا هي الله ولا غيره وأن الله تعالى إذا أراد شيئاً تحرك فكان ما أراد. ووافقهما أبو مالك الحضرمي وعلي بن ميثم وهما من شيوخ الرافضة. وحكي أيضاً عن الجواليقي أنه قال في أفعال العباد: إنها أجسام. لأنه لا شيء في العالم إلا الأجسام وأجاز أن يغفل العباد الأجسام. اهـ.
  • وذكر قريباً من هذا: الشهرستاني في "الملل والنحل" ج1 ص185، والرازي في "اعتقاد فرق المسلمين والمشركين" ص98 .
  • وقد أكّد الرافضة أنفسهم هذا الاعتقاد فيذكرون: عن عبد الملك بن هشام الحنّاط أنه قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: أسألك جعلني فداك؟.
  • قال: سل يا جبلي، عما ذا تسألني؟.
  • فقلت: جعلني الله فداك زعم هشام بن سالم أن الله عزَّ وجلَّ صورة وأن آدم خُلق على مثل الرب، فنصف هذا ونصف هذا، وأوميت إلى جانبي وشعر رأسي، وزعم أن يونس مولى آل يقطين وهشام بن الحكم أن الله شيء لا كالأشياء، وإن الأشياء بائنة منه، وإنه بائن من الأشياء، وزعما أن إثبات الشيء أن يُقال جسم فهو لا كالأجسام، شيء كالأشياء، ثابت موجود غير مفقود ولا معدوم خارج من الحدّين: حد الإبطال وحدّ التشبيه، فبأي القولين أقول؟.
  • قال: فقال عليه السلام: أراد هذا الإثبات، وهذا أشبه ربه تعالى بمخلوق، تعالى الله الذي ليس له شبه ولا مثل ولا عدل ولا نظير،ولا هو بصفة المخلوقين، لا تقل بما قال مولى آل يقطين وصاحبه.
  • انظر: رجال الكشي ص242، مسند الإمام الرضا للعطاردي 2/465، معجم رجال الحديث للخوئي ج19 ص300 .
  • ([31]) قال المجلسي في "مرآة العقول في شرح أخبار الرسول" 12/525: "موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح، ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يُوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟". أي كيف يُثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟.
  • ([32]) الكافي 2/631، بحار الأنوار 52/364، مشارق الشموس الدرية 126، مسند الرضا للعطاردي 1/385 .
  • ([33]) الكافي 2/633، بصائر الدرجات 193، وسائل الشيعة 4/821، بحار الأنوار 89/88، معجم أحاديث المهدي 4/44، إثبات الهداة للحر العاملي 3/643، حلية الأبرار 2/643، تفسير نور الثقلين 3/170 .
  • ([34]) قد وردت عن طريق الشيعة روايات عديدة فمن ذلك:
  • 1 - عن حريز عن أبي عبد الله (ع): {وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 286).
  • 2 – عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عز وجل: {وكان رسولاً نبياً}. قلت: ما هو الرسول من النبي؟
  • قال: هو الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين، ثم تلا: {وما أرسلنا من قبلك ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 286).
  • 3 – عن الحارث البصري قال: أتانا الحكم بن عيينة قال: إن علي بن الحسين (ع) قال: إن علم عليّ (ع) كله في آية واحدة.
  • قال: فخرج حمران بن أعين فوجد علي بن الحسين (ع) قد قُبض. فقال لأبي جعفر (ع) إن الحكم بن عيينة حدثنا عن علي بن الحسين (ع) قال: إن علم علي (ع) كله في آية واحدة.
  • قال أبو جعفر (ع): وما تدري ما هو؟.
  • قال: قلت: لا.
  • قال: هو قول الله تبارك وتعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 286).
  • 4 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله تبارك وتعالى: {وكان رسولاً نبياً} إلى أن قال: ثم تلا (ع): {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 286)
  • 5 – عن بريد عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في قوله تعالى: {وما أرسلنا ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 287).
  • 6 – عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 287).
  • 7 – عن سليم بن قيس الشامي أنه سمع علياً (ع) يقول: إني وأوصيائي من ولدي مهديون كلنا محدثون.. إلى أن قال سليم الشامي: سألت محمد بن أبي قلت: كان علي (ع) محدّثاً؟.
  • قال: نعم.
  • قلت: وهل يحدّث الملائكة إلا الأنبياء؟.
  • قال: أما تقرأ: {وما أرسلنا من رسول ولا نبي ولا محدّث}. (فصل الخطاب 287).
  • 8 – عن إبراهيم بن محمد مثله. (فصل الخطاب 287).
  • 9– عن الحكم بن عيينة قال: دخلت على علي بن الحسين (ع) يوماً فقال لي: يا حكم هل تدري ما الآية التي كان علي بن أبي طالب (ع) يعرف بها صاحب قتله، ويعلم بها الأمور العظام التي كان يحدّث بها الناس؟.
  • قال الحكم: فقلت في نفسي قد وقفت على علم من علم علي بن الحسين (ع) أعلم بذلك تلك الأمور العظام.
  • قال: فقلت: لا، والله لا أعلم به، أخبرني بها يا ابن رسول الله؟.
  • قال: هو والله: {وما أرسلنا من قبلك ولا نبي ولا محدّث}.
  • فقلت: وكان علي (ع) محدّثاً؟.
  • قال: نعم، وكل إمام منا أهل البيت فهو محدّث. (فصل الخطاب 287).
  • 10- الكليني عن محمد بن يحيى العطار عن أحمد مثله وزاد بعد قوله ولا محدّث وكان علي بن أبي طالب (ع) محدّثاً فقال له رجل يقال له عبد الله بن زيد كان أخا علي بن الحسين (ع) لأمه: سبحان الله محدّثاً (كأنه ينكر) فأقبل علينا أبو جعفر (ع) فقال: أما والله إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك. قال: فلما قال ذلك سكت الرجل فقال: هي التي هلك فيها أبو الخطاب فلم يدر ما تأويل المحدّث والنبي. (فصل الخطاب 287).
  • 11 – عن الحارث بن المغيرة قال: قال حمران بن أعين أن الحكم بن عيينة يروي عن علي بن الحسين (ع) في آية نسأله فلا يخبرنا.
  • قال حمران: سألت أبا جعفر (ع).
  • فقال: إن علياً (ع) كان بمنـزلة صاحب سليمان وصاحب موسى ولم يكن نبياً ولا رسولاً. ثم قال: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}.
  • قال: فعجب أبو جعفر (ع). (فصل الخطاب 287).
  • 12 – عن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصابته خصاصة، فجاء إلى رجل من الأنصار فقال له: هل عندكم طعام؟.
  • فقال: نعم يا رسول الله.
  • فذبح له عناقاً وشوّاها، فلما دنى منها تمنّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، فجاء أبو بكر وعمر ثم جاء علي فأنزل الله عليه: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث}.
  • ثم قال أبو عبد الله (ع): هكذا نزلت. (تأويل الآيات 348، تفسير نور الثقلين 3/615، تفسر البرهان 3/98، بحار الأنوار 17/85، تفسير العسكري 275).
  • ([35]) وإليك نصها منقولة من كتاب فصل الخطاب للنوري الطبرسي ص180-181:
  • بسم الله الرحمن الرحيم
  • "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكما آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم، نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم. إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات النعيم. والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم، ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي والرسول أولئك يسقون من حميم. إن الله الذي نور السماوات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذتهم بمكرهم. إن أخذي شديد أليم، إن الله قد أهلك عاداً وثموداً (كذا بالتنوين) بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتقون. وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين ليكون لكم آيته (كذا) وإن أكثركم فاسقون، إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يُسألون. إن الجحيم هي مأواهم، وإن الله عليم حكيم. يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون. قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون (كذا بالواو والنون) مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم. وإن علياً من المتقين، وإنا لنوفيه حقه يوم الدين، ما نحن عن ظلمه بغافلين، وكرمناه على أهلك أجمعين، فإنه وذريته الصابرون، وإن عدوهم إمام (شكلت الميم بالنصب) المجرمين. قل للذين كفروا بعدما آمنوا أطلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها. وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون. يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتولاه من بعدك يُظهرون. فأعرض عنهم إنهم معرضون (ما معنى هذا الهراء؟) إنا لهم محضرون (شكلوه بفتح الضاد) في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون. إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون (ما معنى هذا؟) فصبر جميل. فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلى يوم يبعثون. فاصبر فسوف يبصرون. ولقد آتينا بك الحكم (كذا) كالذين من قبلك من المرسلين وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون.
  • ومن يتولِ (وضعوا كسرة تحت اللام) عن أمري فإني مَرْجَعَهُ (كذا شكلوه). فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين. يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين. إن علياً قانتاً بالليل ساجداً (كذا) يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه. قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون (يستوون هم ومن أيها العلماء) سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندِمون (كذا كسرت الدال) إنا بشرناك بذريته الصالحين وإنهم لأمرنا لا يَخْلِفُون (كذا ضبطوه) فعليهم مني صلوات ورحمة أحياءً وأمواتاً يوم يبعثون، وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي، إنهم قوم سوء خاسرين (كذا بالياء والنون) وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون. والحمد لله رب العالمين.
  • ([36]) نتحف القارئ الكريم ببعض النماذج التي تزعم الشيعة أنها أُسقطت من سورة الأحزاب:
  • 1 – علي بن إبراهيم في قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} قال: نزلت {وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم} فجعل الله المؤمنين أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعل رسول الله أباهم لمن لم يقدر أن صون نفسه وليس على نفسه ولاية فجعل الله تبارك وتعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم الولاية على المؤمنين من أنفسهم. (تفسير القمي 2/175)
  • 2 – عن أبي الصامت عن أبي عبد الله (ع) قال: أكبر الكبائر سبع.. إلى أن قال: وأما عقوق الوالدين فإن الله عز وجل قال في كتابه: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم} فعقوه في ذريته. (فصل الخطاب 295، بحار الأنوار 36/14).
  • 3 – عن الميداني عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل: {وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم}. (فصل الخطاب 295، بحار الأنوار 22/200 و431).
  • 4 – الصفار عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن صباح عن المفضل مثله. (فصل الخطاب 296).
  • 5 – سعد بن عبد الله القمي في كتاب (ناسخ القرآن) قال: وقرأ الصادق (ع): {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم}. (فصل الخطاب 296، منهاج البراعة 2/216).
  • 6 – علي بن إبراهيم في قوله تعالى: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب وكان الله قوياً عزيزاً}. (فصل الخطاب 296).
  • 7 – السياري عن جعفر بن محمد عن المدائني عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى: {وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب}. (فصل الخطاب 296).
  • 8 – عن يونس عن أبي حمزة عن فيض المختار قال: سئل أبو عبد الله (ع) عن القرآن، فقال: فيه الأعاجيب من قوله عز وجل: {وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب}. (فصل الخطاب 296).
  • 9 – عن فيض بن مختار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قرأ: {إن علياً للهدى. وإن له الآخرة والأولى}. وذلك حين سئل عن القرآن.
  • قال: فيه الأعاجيب.
  • فيه: {وكفى الله المؤمنين القتال بعلي}.
  • وفيه: {إن علياً للهدى. وإن له الآخرة والأولى}. (بحار الأنوار 24/398).
  • 10 – عن محمد بن مروان رفعه إليهم في قول الله عز وجل: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول في علي والأئمة كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}. (الكافي 1/414، تفسير البرهان 3/337 و339، تأويل الآيات الطاهرة 468، بحار الأنوار 13/12، 23/302، فصل الخطاب 296، مناقب ابن شهر آشوب 3/13).
  • 11 - عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: {ومن يطع لله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً}. (تأويل الآيات الطاهرة 469، الكافي 1/414، تفسير البرهان 3/340، بحار الأنوار 23/301 و303).
  • 12 – عن محمد بن مروان رفعه إليه (ع) (!!!) فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في علي والأئمة كما آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}. (تفسير القمي 2/197، الكافي 1/412، بحار الأنوار 23/302).
  • 13 – عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في قوله: {ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً} هكذا نزلت والله. (تفسير القمي 1/54-55 و2/198، فصل الخطاب 296، تفسير الصافي 4/206، تفسير نور الثقلين 4/309، بحار الأنوار 23/301).
  • ([37]) لأبي الثناء الألوسي كلام نفيس في حول هذه الآية الكريمة رداً على الرافضة الذين حاولوا انتقاص الصديق رضوان الله عليه، حيث يقول رحمه الله تعالى في تفسيره "روح المعاني" ج10 ص100 وما بعدها:
  • وأنكر الرافضة دلالة الآية على شيء من الفضل في حق الصديق رضي الله عنه، قالوا: إن الدال على الفضل إن كان {ثاني اثنين} فليس فيه أكثر من كون أبي بكر متمماً لعدد، وإن كان {إذ هما في الغار} فلا يدل على أكثر من اجتماع شخصين في مكان، وكثيراً ما يجتمع فيه الصالح والطالح، وإن كان {لصاحبه} فالصحبة تكون بين المؤمن والكافر كما في قوله تعالى {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك} وقوله سبحانه {وما صاحبكم بمجنون} و{يا صاحبي السجن} بل تكون بين من يعقل وغيره كقوله:
  • إن الحمار مع الحمير مطية وإذا خلوت به فبئس الصاحب
  • وإن كان {لا تحزن} فيقال: لا يخلو إما أن يكون الحزن طاعة أو معصية. لا جائز أن يكون طاعة، وإلا لما نهي عنه صلَّى الله عليه وسلَّم، فتعين أن يكون معصية لمكان النهي، وذلك مثبت خلاف مقصودكم على أن فيه من الدلالة على الجبن ما فيه وإن كان {إن الله معنا} فيحتمل أن يكون المراد إثبات معية الله تعالى الخاصة له صلَّى الله عليه وسلَّم وحده لكن أتى – بنا – سد الباب الإيحاش. ونظير ذلك بالإتيان بأو في قوله {وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} وإن كان {فأنزل الله سكينته عليه} فالضمير فيه للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم. لئلا يلزم تفكيك الضمائر، وحينئذ يكون في تخصيصه عليه الصلاة والسلام لم يخرجه معه إلا حذراً من كيده لو بقي مع المشركين بمكة، وفي كون المجهز لهم بشراء الإبل علياً رضي الله عنه، إشارة لذلك، وإن كان شيئاً لنتكلم عليه، انتهى كلامهم.
  • ولعمري إنه أشبه شيء بهذيان المحموم، أو عربدة السكران، ولولا أن الله سبحانه وتعالى حكى في كتابه الجليل عن إخوانهم اليهود والنصارى ما هو مثل ذلك ورده رحمة بضعفاء المؤمنين ما كنا نفتح في رده فماً أو نجري في ميدان تزييفه قلماً، لكني لذلك أقول: لا يخفى أن {ثاني اثنين} وكذا {إذ هما في الغار} إنما يدلان بمعونة المقام على فضل الصّدّيق رضي الله تعالى عنه، ولا ندعي دلالتهما مطلقاً ومعونة المقام أظهر من نار على علم، ولا يكاد ينتطح كبشان في أن الرجل لا يكون ثانياً باختياره لآخر، ولا معه في مكان، إذا فرّ من عدو ما لم يكن معوّلاً عليه متحققاً صدقه لديه، لاسيما وقد ترك الآخر لأجله أرضاً حلّت فيه قوابله، وحلّت عنه بها تمائمه، وفارق أحبابه، وجفا أترابه، وامتطى غارب سبسب يضل به القطا وتقصر فيه الخطا.
  • ومما يدل على فضل الاثنينية قوله صلَّى الله عليه وسلَّم مسكناً جأش أبي بكر: "ما ظنك باثنين الله تعالى ثالثهما"، والصحبة اللغوية وإن لم تدل بنفسها على المدعي لكنها تدل عليه بمعونة المقام أيضاً. فإضافة صاحب إلى الضمير للعهد، أي صاحبه الذي كان معه في وقت يجفو في الخليل ورفيقه الذي فارق لمرافقته أهله وقبيلته، وأن {لا تحزن} ليس المقصود منه حقيقة النهي عن الحزن فإنه من الأمور التي لا تدخل تحت التكليف، بل المقصود منه التسلية للصديق رضي الله تعالى عنه، أو نحوها.
  • وما ذكروه من الترديد يجري مثله في قوله تعالى خطاباً لموسى وهارون عليهما السلام {لا تخافا إنني معكما} وكذا في قوله سبحانه للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعاً} إلى غير ذلك.
  • أفترى أن الله سبحانه نهى عن طاعته؟ أو أن أحداً من أولئك المعصومين عليهم الصلاة والسلام ارتكب معصية، سبحانك هذا بهتان عظيم.
  • ولا ينافي كون الحزن من الأمور التي لا تدخل تحت التكليف بالنظر إلى نفسه قد يكون مورداً للمدح والذم، كالحزن على فوات الطاعة فإنه ممدوح، والحزن على فوات المعصية فإنه مذموم، لأن ذلك باعتبار آخر كما لا يخفى، وما ذكر في حيز العلاوة من أن فيه من الدلالة على الجبن ما فيه من ارتكاب الباطل ما فيه، فإنا لا نُسلّم أن الخوف يدل على الجبن، وإلا لزم جبن موسى وأخيه عليهما السلام، فما ظنك بالحزن؟.
  • وليس حزن الصّدّيق رضي الله تعالى عنه بأعظم من الاختفاء بالغار، ولا يظن مسلم أنه كان عن جبن أو يتصف بالجبن أشجع الخلق على الإطلاق صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن أنصف رأى أن تسليته عليه الصلاة والسلام لأبي بكر بقوله {لا تحزن} كما سلاه ربه سبحانه بقوله {لا يحزنك قولهم} مشيرة إلى أن الصّدّيق رضي الله تعالى عنه عنده عليه الصلاة والسلام بمنـزلته عند ربه جلّ شأنه، فهو حبيب حبيب الله تعالى، بل لو قطع النظر عن وقوع مثل هذه التسلية من الله تعالى لنبيه صلَّى الله عليه وسلَّم، كان نفس الخطاب بلا – تحزن – كافياً في الدلالة على أنه رضي الله تعالى عنه حبيب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإلا فكيف تكون محاورة الأحباء؟ وهذا ظاهر إلا عند الأعداء.
  • وما ذكر من أن المعية الخاصة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحده والإتيان – بنا – لسد باب الإيحاش من باب المكابرة الصرفة، كما يدل عليه الخبر المار آنفاً، على أنه إذا كان ذلك الحزن إشفاقاً على الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى نفسه رضي الله تعالى عنه، لم يقع التعليل موقعه والجملة مسوقة له، ولو سلمنا الإيحاش على الأول ووقوع التعليل موقعه على الثاني يكون ذلك الحزن دليلاً واضحاً على مدح الصّدّيق، وإن كان على نفسه فقط كما يزعمه ذو النفس الخبيثة لم يكن للتعليل معنى أصلاً، وأي معنى في لا تحزن على نفسك إن الله معي لا معك.
  • على أنه يقال للرافضي: هل فهم الصدّيق رضي الله تعالى عنه من الآية ما فهمت من التخصيص وأن التعبير {بنا} كان سداً لباب الإيحاش أم لا؟ فإن كان الأول يحصل الإيحاش ولابد فنكون قد وقعنا فيما فررنا منه، وإن كان الثاني فقد زعمت لنفسك رتبة لم تكن بالغها ولو زهقت روحك، ولو زعمت المساواة في فهم عبارات القرآن الجليل، وإشاراته لمصاقع أولئك العرب المشاهدين للوحي ما سلم لك أو تموت، فكيف يسلم لك الامتياز على الصّدّيق وهو – هو – وقد فهم من إشارته صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث التخيير ما خفي على سائر الصحابة حتى علي رضي الله عنه، فاستغربوا بكاءه رضي الله تعالى عنه يومئذ، وما ذكر من التنظير في الآية مشيراً إلى التقية التي اتخذها الرافضة ديناً وحرّفوا لها الكلم عن مواضعها، وما ذكر في أمر السكينة فجوابه يعلم مما ذكرناه، وكون التخصيص مشيراً إلى إخراج الصدّيق رضي الله تعالى عنه عن زمرة المؤمنين كما رمز إليه الكلب عدو الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، لو كان ما خفي على أولئك المشاهدين للوحي الذين من جملتهم الأمير رضي الله عنه، فكيف مكّنوه من الخلافة التي أخذت النبوة عند الشيعة، وهم الذين لا تأخذهم لومة لائم، وكون الصحابة قد اجتمعوا في ذلك على ضلالة، والأمير كان مستضعفاً فيما بينهم، أو مأموراً بالسكوت وغمد السيف، إذ ذاك كما زعمه المخالف قد طوى بساط رده وعاد شذر مذر، فلا حاجة إلى إتعاب القلم في تسويد وجه زاعمه، وما ذكر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُخرجه إلا حذراً من كيده فيه أن الآية ليس فيها شائبة دلالة على إخراجه أصلاً فضلاً عن كون ذلك حذراً من الكيد، على أن الحذر – لو كان – في معيته له صلَّى الله عليه وسلَّم، وأي فرصة تكون مثل هذه الفرصة التي حصلت حين جاء الطلب لباب الغار؟ فلو كان عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وحاشاه أدنى ما يُقال لقال: هلموا فهاهنا الغرض. ولا يُقال: أنه خاف على نفسه أيضاً، لأنه يمكن أن يخلصها منهم بأمور، ولا أقل من يقول لهم: خرجت لهذه المكيدة، وأيضاً لو كان الصّدّيق كما يزعم الزنديق فأي شيء منعه من أن يقول لابنه عبد الرحمن أو ابنته أسماء أو مولاه عامر بن فهيرة، فقد كانوا يترددون إليه في الغار كما أخرج ابن مردويه عن عائشة، فيخبر أحدهم الكفار بمكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى أنه على هذا الزعم يجيء حديث التمكين وهو شاهد على وزنه هو – هو – وأيضاً إذا انفتح باب هذا الهذيان أمكن للناصبي أن يقول والعياذ بالله تعالى في علي رضي الله عنه: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يأمره بالبيتوتة على فراشه الشريف ليلة هاجر إلا ليقتله المشركون، ظناً منه أنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فيستريح منه، وليس هذا القول بأعجب ولا أبطل من قول الشيعي: إن إخراج الصّدّيق إنما كان حذراً من شره، فليتق الله سبحانه من فتح هذا الباب المستهجن عند ذوي الألباب.. اهـ.
  • ([38]) بحار الأنوار 24/398، فصل الخطاب 321 .
  • ([39]) تفسير القمي 2/125، فصل الخطاب للنوري 294، منهاج البراعة شرح نهج البلاغة للخوئي 2/215 .
  • ([40]) من منطلق تحريم الرافضة نكاح أهل السنة، فإن بعض علماء الرافضة يُنكرون أن تكون رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما من بنات المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم وأنه عليه الصلاة والسلام زوّجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي ذلك يقول الشقي نعمة الله الجزائري في كتابه "الأنوار النعمانية" ص80-81: وأما قوله: وأما عثمان فهو وإن شاركه في كونه ختناً له. أقول: الأختان اللتان أخذهما عثمان هما: رقية تزوجها عتبة بن أبي لهب فطلقها قبل أن يدخل بها ولحقها منه أذى، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم "اللهم سلّط على عتبة كلباً من كلابك، فتناوله السد من بين أصحابه، تزوجها بعده عثمان بن عفان فولدت له عبد الله ومات صغيراً، نقره ديك في عينيه فمرض ومات، وتوفيت بالمدينة زمن بدر فتخلّف عثمان على دفنها، ومنعه أن يشهد بدراً، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ومعه رقية، والأخرى أم كلثوم تزوجها أيضاً عثمان بعد أختها رقية وتوفيت عنده.
  • وقد اختلف العلماء لاختلاف الروايات في أنهما هل هما من بنات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من خديجة أو أنهما ربيبتاه من أحد زوجيها الأوليين؟.
  • فإنه أولاً قد تزوجها عتيق بن عائد المخزومي فولدت له جارية، ثم تزوجها أبو هالة الأسدي فولدت له هنداً بنت هالة، ثم تزوجها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
  • وهذا الاختلاف لا أثر له لأن عثمان في زمن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد كان ممن أظهر الإسلام وأبطن النفاق، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم قد كان مكلفاً بظواهر الأوامر كحالنا نحن أيضاً، وكان يميل إلى مواصلة المنافقين رجاء الإيمان الباطني منهم، مع أنه صلَّى الله عليه وسلَّم لو أراد الإيمان الواقعي لكان أقل قليل، فإن أغلب الصحابة كانوا على النفاق، لكن كانت نار نفاقهم كامنة في زمنه، ولذا قال عليه السلام: "ارتدّ الناس كلهم بعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا أربعة: سلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار. وهذا مما لا إشكال فيه. اهـ.
  • ويقول أبو القاسم الكوفي في كتابه "الاستغاثة في بدع الثلاثة" 1/75 وما بعدها: أما ما روت العامة [يقصد أهل السنة] من تزويج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عثمان بن عفان رقية وزينب [عثمان رضي الله عنه إنما تزوج رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، ويبدو أن معلومات هذا الرافضي في الأنساب والتاريخ ضعيفة للغاية، والعجيب أنه يُعيب على أهل السنة قلة معرفتهم بالأنساب كما قال] فإن التزويج صحيح غير متنازع فيه، إنما التنازع بيننا وقع في رقية وزينب هل هما ابنتا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أم ليستا ابنتيه؟ وليس لأحد من أهل النظر إذا وجد تنازعاً من خصمين، كلّ منهما يدّعي أن الحق معه، وفي يده الميل إلى أحد الخصمين دون الآخر بغير بيان وإيضاح، ويجب البحث عن صحة كل واحد منهما بالنظر والاختبار والتفحص والاعتبار. فإذا اتضح له الحق منهما وبان له الصدق من أحدهما اعتقد عند ذلك قول المحقّ من الخصمين، وأطرح الفاسد من المذهبين، ولم يدحضه كثرة مخالفيه وقلّة عدد موافقيه، فإن الحق لا يتضح عند أهل النظر والفهم والعلم والتميز والطلب لكثرة مُتّبعيه، ولا يبطل لقلّة قائليه، وإنما يتحقق ويتضح الصدق بتصحيح النظر والتميز والطلب للشواهد والإعلام التي تجاب.... إن رقية وزينب زوجتي عثمان لم يكونا ابنتي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا ولد خديجة زوجة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وإنما دخلت الشبهة على العوام فيهما لقلة معرفتهم بالأنساب وفهمهم بالأسباب.
  • ويقول ص80: "وصح لنا فيهما ما رواه مشايخنا من أهل العلم عن الأئمة من أهل البيت، وذلك أن الرواية صحت عندنا عنهم أنه كانت لخديجة بنت خويلد من أمها أخت يُقال لها هالة قد تزوجها رجل من بني مخزوم، فولدت بنتاً اسمها هالة ثم خلف عليها بعد أبي هالة رجل من تميم يُقال له أبو هند، فأولدها ابناً كان يُسمى هنداً بن أبي هند وابنين، فكانتا هاتان منسوبتين إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم..".
  • وقد كفانا مؤنة الرد على هذا الهذيان المعلّق على الكتاب والمستتر تحت اسم "الكاتب" ولا أدروجه تستّره وعدم الإفصاح عن اسمه، حيث إن كتاب الكوفي كله طعن وتجريح ولعن للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وهذا من أساسيات الدين الشيعي، فيقول في تعليقه علىالكتاب 1/89-91: قد رأيت رأي صاحب الكتاب في زينب ورقية وأنهما ليستا ابنتي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا خديجة، وأن تزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أباهما عثمان بن عفان بعد عتبة بن أبي لهب، وأبي العاص بن الربيع صحيح غير متنازع فيه، ولكن خالف صاحب الكتاب في هذا الرأي جماعة من أساطين العلماء من الفقهاء والنسابين ممن لا يستهان بهم، منهم المفيد فإنه في "أجوبة المسائل الحاجبية" في جواب المسألة المتممة للخمسين لما سئل عن ذلك، قال: إن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والمخالف لذلك شاذ بخلافه، فأما تزويجه صلَّى الله عليه وسلَّم بكافرين فإن ذلك قبل تحريم مناكحة الكفار، وكان له صلَّى الله عليه وسلَّم أن يزوّجهما ممن يراه، وقد كانت لأبي العاص وعتبة نسب برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان لهما محل عظيم إذ ذاك، ولم يمنع شرع من العقد لهما، فيمتنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أجله..
  • وقال في "أجوبة المسائل السروية" ما نصه: قد زوّج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام أحدهما: عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع، فلما بُعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرّق بينهما وبين ابنتيه، فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبائه الإسلام فردّها عليه بالنكاح الأول، ولم يكن صلَّى الله عليه وسلَّم في حال من الأحوال كافراً ولا موالياً لأهل الكفر، وقد زوّج من تبرأ من دينه وهو معاد له في الله عزَّ وجلَّ. وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، وإنما زوّجه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على ظاهر الإسلام ثم إنه تغيّر بعد ذلك، ولم يكن على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم تبعاً فيما يحدث في العاقبة، هذا على قول أصحابنا، وعلى فريق آخر أنه زوّجه على الظاهر، وكان باطنه مستوراً أنه ويمكن أن يستر الله عن نبيه عليه السلام نفاق كثير من المنافقين، وقد قال الله سبحانه {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} فيكن في أهل مكة كذلك، والنكاح على الظاهر دون الباطن على ما بيّنّاه (ثم قال) ويمكن أن يكون الله تعالى قد أباحه مناكحة من تظاهر بالإسلام وإن علم من باطنه النفاق وخصّه بذلك ورخّص له فيه كما خصّه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح، وأباحه أن ينكح بغير مهر ولم يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا الصلاة بعد قيامه من النوم بغير وضوء وأشباه ذلك مما خصّ به وحظر على غيره من عامة الناس.
  • فهذه الأجوبة الثلاثة عن تزويج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عثمان، كل واحد منها كاف بنفسه مستغنى به عمار ورد.
  • ([41]) العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عند الرافضة ضال وأعمى في هذه الدنيا وإنه غير مؤمن، وقد وردت عن طريق الرافضة عدة روايات تدل على هذا المعنى، نذكر واحدة فقط على سبيل المثال.
  • عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتى رجل أبي عليه السلام فقال: إن فلاناً (يقصد ابن عباس رضي الله عنهما) يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن، في أي يوم نزلت، وفيم نزلت. قال: فسله في من نزلت {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا} وفي من نزلت {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا}؟.
  • فأتاه الرجل، وقال (ابن عباس رضي الله عنهما): وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله، ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو؟.
  • فانصرف الرجل إلى أبي فقال له ما قال.
  • فقال: وهل أجابك في الآيات؟ قال: لا.
  • قال: ولكنّي أُجيبك فيها بنور وعلم غير المدّعي والمنتحل، أما الأوليان فنـزلتا في أبيه (يقصد العباس رضي الله عنه)، وأما الأخيرة فنـزلت في أبي وفينا، وذكر الرباط الذي أمرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط.
  • قال أبو عبد الرحمن: ونسي الراوي أن يسأل هذا الإمام ما هو الرباط؟ أهو في سبيل الله تعالى؟ أم كما تُفسّره الرافضة بالمصابرة والمرابطة على النفاق أو ما يسمونه بالتقية.
  • والرواية طويلة ولكننا ذكرنا القسم الخاص بالعباس وابنه رضي الله عنهما، وهذه الرواية بطولها مذكورة في: رجال الكشي ص52، مجمع الرجال للقهبائي ج4 ص10، معجم رجال الحديث للخوئي ج1 ص234-235 .
  • ([42]) زيد بن علي رحمه الله تعالى لم يسلم من طعن الشيعة، ونضع بين القارئ الكريم رواية واحدة على سبيل الإيجاز توضح أن زيداً رحمه الله تعالى إنما خرج في خروجه معتقداً أنه الإمام الحق متجاوزاً في ذلك الإمام المنصوص عليه حسب زعمه الشيعة وحدثت مشادة كلامية بينه وبين أخيه محمد بن علي بن الحسين ونترك تفاصيل ذلك للرواية الشيعية: عن موسى بن بكر ابن داب، عمن حدثه (!!!)، عن أبي جعفر – عليه السلام – أن زيد بن علي بن الحسين – عليهما السلام – دخل على أبي جعفر محمد بن علي – عليه السلام – ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم، ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر – عليه السلام -: هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم، لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله – صلَّى الله عليه وآله – ولما يجدون في كتاب الله عزَّ وجلَّ من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء، فقال له أبو جعفر – عليه السلام -: إن الطاعة مفروضة من الله عزَّ وجلَّ وسنة أمضاها في الأولين، وكذلك يحل بها في الآخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم، (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً) فلا تعجل فإن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقن الله فتعجلك البلية فتصرعك. قال: فغضب زيد عن ذلك، ثم قال: ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد، ولكن الإمام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، ودفع عن رعيته، وذب عن حريمه. قال أبو جعفر – عليه السلام -: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئاً مما نسبتها إليه، فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله – صلَّى الله عليه وآله – أو تضرب به مثلاً فإن الله عزَّ وجلَّ أحل حلالاً وحرم حراماً وفرض فرائض وضرب أمثالاً وسن سنناً، ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله. وقد قال الله عزَّ وجلَّ في الصيد: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله؟ وجعل لكل شيء محلاً، وقال الله عزَّ وجلَّ: (وإذا حللتم فاصطادوا). وقال عزَّ وجلَّ: (لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام) فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرماً وقال: (فسيحوا في الأرض أربعة اشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله). ثم قال الله تبارك وتعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) فجعل لذلك محلاً وقال: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) فجعل لكل شيء أجلاً ولكل أجل كتاباً. فإن كنت على بينة من ربك، ويقين من أمرك، وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومن أمراً أنت منه في شك وشبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم ينقص آكله ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله، فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله، وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفصل وتتابع النظام، ولا عقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع. أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهوائهم بغير هدى من الله، وادعوا الخلافة بلا برهان من الله، ولا عهد من رسوله؟ أعذك بالله يا أخي أن تكون غداً المصلوب بالكناسة، ثم أرفضعت عيناه وسالت دموعه. ثم قال: بيننا وبين من هتك سترنا وجحد حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا. (الكافي: 1/356، البحار: 46/203، العوالم: 18/238، مدينة المعاجز 5/86).
  • ([43]) لاشك أن مبعث أن نفي وجود شخصية ابن سبأ لاسيما من قبل الشيعة محاولة يائسة منهم لنفي التأثير الفكري والعقائدي لليهود في الدين الشيعي، وكل مطلع على حقيقة الدين الشيعي وركائزه لاسيما موضوع الإمامة والنيل من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين والرجعة والتقية والمنتظر عندهم لا يشك مطلقاً بوضوح البصمات اليهودية في الدين الشيعي، ولست بصدد الكلام في هذا الشأن فقد تكفلت به بعض الأبحاث الإسلامية التي بحثت عن العلاقة بين الدين الشيعي واليهود، وتعليقي سوف ينحصر في إثبات شخصية ابن سبأ من خلال المراجع الإسلامية والشيعية وبعض المنتمين إلى التيار الاستشراقي.
  • أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة:
  • 1 – جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص148) وتاريخ الطبري (6/83) وقد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي وأنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله: شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف.
  • 2 – وجاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت 95هـ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/345-361)، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن، وذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي: (ومن خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). رواه ابن عمر العدني في كتاب الإيمان (ص249).
  • 3 – وهناك رواية عن الشعبي (ت 103هـ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/7)، تفيد أن: (أول من كذب عبد الله بن سبأ).
  • 4 – وهذا الفرزدق (ت 116هـ) يهجو في ديوانه (ص242-243)، أشارف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، ويصفهم بالسبئية، حيث يقول:
  • كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
  • تَعَرّفُ همدانية سبئية وتُكره عينيها على ما تنكرا
  • رأته مع القتلى وغيّر بعلها عليها تراب في دم قد تعفّرا
  • ويمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية ومذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف، صاحب هذا المذهب.
  • 5 – وقد نقل الإمام الطبري في تفسيره 03/119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 117هـ)، في النص التالي: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ} [آل عمران: 7]، وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
  • 6 – وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 2230هـ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم. الطبقات (3/39).
  • 7 – وجاء عند ابن حبيب البغدادي (ت 245هـ) في المحبر (ص308)، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات.
  • 8 – كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم (ت 253هـ)، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة. انظر: منهاج السنة لابن تيمية (1/7).
  • 9 – وجاء في البيان والتبيين (3/81) للجاحظ (ت 255هـ)، إشارة إلى عبد الله بن سبأ.
  • وخبر إحراق علي رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن والمساند. انظر على سبيل المثال: سنن أبي داود (4/126) والنسائي 07/104) والحاكم في المستدرك (3/538).
  • 10 – فقد ذكر الإمام البخاري (ت 256هـ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه (8/50) عن عكرمة قال: (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من بدل دينه فاقتلوه".
  • ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقهم علي رضي الله عنه هم أتباع عبد الله بن سبأ حينما قالوا بأنه الإله.
  • 11 – ذكر الجوزجاني (ت 259هـ) في أحوال الرجال (ص389 أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
  • لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا.
  • 12 – ويقول ابن قتيبة (276هـ) في المعارف (ص267): (السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ). وفي تأويل مختلف الحديث (ص73) يقول: (أن عبد الله بن سبأ ادعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار).
  • 13 – ويذكر البلاذري (ت 279هـ) ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه من رأيه في أبي بكر وعمر، فقال: أو تفرغتم لهذا. أنساب الأشراف (3/382).
  • 14 – ويعتبر الإمام الطبري (ت 310هـ) من الذي أفاضوا في تاريخهم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في ذلك على الإخباري سيف بن عمر. تاريخ الطبري (4/283، 326، 331، 340، 349، 398، 493-494، 505).
  • 15 – وأكد ابن عبد ربه (ت 328هـ) أن ابن سبأ وطائفته السبئية قد غلو في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/405).
  • 16 – ويذكر أبو الحسن الأشعري (ت 330هـ) في مقالات الإسلاميين (1/85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، وأنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
  • 17 – ويذكر ابن حبان (ت 354هـ) في كتاب المجروحين (2/253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة).
  • 18 – يقول المقدسي (ت 355هـ) في كتابه البدء والتاريخ (5/129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
  • 19 – ويذكر الملطي (ت 377هـ) في كتابه التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع (ص18): فيقول: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم).
  • 20 – وذكر أبو حفص بن شاهين (ت 385هـ) أن علياً حرق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، ومن المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/7).
  • 21 – ويذكر الخوارزمي (ت 387هـ) في كتابه مفاتيح العلوم (ص22)، أن السبئية عبد الله بن سبأ.
  • 22 – ويرد ذكر عبد الله بن سبأ عند الهمذاني (ت 415هـ) في كتابه تثبيت دلائل النبوة (3/548).
  • 23 – وذكر البغدادي (ت 429هـ) في الفرق بين الفرق (ص15 وما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم ونفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما وهو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
  • 24 – ونقل ابن حزم (ت 456هـ) في الفصل في الملل والنحل (4/186): (والقسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر وأمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
  • 25 – يقول الأسفراييني (ت 471هـ) في التبصرة في الدين (ص108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلى ألوهيته، ودعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي).
  • 26 – ويتحدث الشهرستاني (ت 548هـ) في الملل والنحل (2/115، 116) عن ابن سبأ فيقول: (ومنه انشعبت أصناف الغلاة)، ويقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
  • 27 – وينسب السمعاني (ت 562هـ) في كتابه الأنساب (7/24) السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
  • 28 – وترجم ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/3) لابن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي تنسب إلى السبئية، وهم من الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، وكان يهودياً وأظهر الإسلام.
  • 29 – ويقول نشوان الحميري (ت 573هـ) في كتابه الحور العين (ص154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ويرد الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
  • 30 – ويؤكد فخر الدين الرازي (ت 606) في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
  • 31 – ويذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص2/98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/114، 144، 147، 148، 154 إلى غيرها من الصفحات).
  • 32 – وذكر السكسكي (ت 683هـ) في كتابه البرهان في معرفة عقائد الأديان: (أن ابن سبأ وجماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت).
  • 33 – ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. انظر مجموع الفتاوى (4/435)، و(28/483) وفي كثير من الصفحات في كتابه: منهاج السنة النبوية.
  • 34 – ويرد ذكر عبد الله بن سبأ عند المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (ص54)، بقوله: (وفي سنة ثلاث وثلاثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي الله عنه.. وكانوا جماعة منهم، مالك الأشتر، والأسود بن يزيد.. وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء.
  • 35 – وعند الذهبي (ت 748هـ) في كتابه المغني في الضعفاء (1/339) وفي الميزان (2/426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، وذكره أيضاً في تاريخ الإسلام (2/122-123).
  • 36 – وذكر الصفدي (ت 7649هـ) في كتبه الوافي بالوفيات (17/20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية.. قالت لعلي أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصور بصورة علي، وأن علياً في السحاب، والرعد صوته، والبرق سوطه، وأنه سينـزل إلى الأرض).
  • 37 – وذكر ابن كثير (ت 774هـ) في البداية والنهاية (7/183) أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ وصيرورته إلى مصر؛ وإذاعته على الملأ كلاماً اخترعه من عند نفسه.
  • 38 – وجاء في الفرق الإسلامية (ص34) للكرماني (ت 786هـ) أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت، وأن فيه الجزء الإلهي.
  • 39 – ويشير الشاطبي (ت 790هـ) في كتابه الاعتصام (2/197) إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله، وهي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات.
  • 40 – وذكر ابن أبي العز الحنفي (ت 792هـ) في شرح العقيدة الطحاوية (ص578) أن عبد الله بن سبأ أظهر الإسلام وأراد أن يفسد دين الإسلام كما يفعل بولص بدين النصرانية.
  • 41 – ويعرف الجرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات (ص79) عبد الله بن سبأ بأنه رأس الطائفة السبئية.. وأن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
  • 42 – ويقول المقريزي (ت 845هـ) في الخطط (2/356-357): (أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ).
  • 43 – وقد سرد الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) في كتابه لسان الميزان (3/290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، وليس له رواية والحمد لله).
  • 44 – وذكر العيني (ت 855هـ) في كتابه عقد الجمان (9/168): (أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، وأظهر الأمر بالمعروف، وتكلم في الرجعة، وقررها في قلوب المصريين).
  • 45 – وأكد السيوطي (ت 911هـ) في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/132) نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
  • 46 – وذكر السفاريني (ت 1188هـ) في كتابه لوامع الأنوار (1/80) ضمن فرق الشيعة فرقة السبئية وقال: (وهم أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنت الإله حقاً، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم فخدّ لهم الأخاديد وأحرقهم بالنار).
  • 47 – ويروي الزبيدي (ت 1205هـ) أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مسيك المرادي هو والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة. تاج العروس (1/75-76)، وكلام الزبيدي هذا غير مقبول ويرده حديث فروة بن مسيك، راجع صحيح سنن أبي داود ( برقم 3373) والترمذي (برقم 3220) كتاب تفسير سورة سبأ، وفي الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من الأبناء: سكن منهم ستة في اليمن وأربعة في الشام، وهم أصول القبائل العربية: لخم وجذام وغسان.. الخ، مما يدل على أن سبأ رجل متقدم جداً من أصول العرب، فما علاقة ذلك بسبأ والد عبد الله صاحب السبئية؟!
  • 48 – وتحدث عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي (ت 1239هـ) في كتابه مختصر التحفة الاثني عشرية (ص317) عن ابن سبأ بقوله: (ومن أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لهم بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله.. وإن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، وكان يسمى ابن السوداء، وكان يبث دعوته بخبث وتدرج ودهاء).
  • 49 – ومحمد صديق حسن خان (ت 1307هـ) في خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان (ص8، 33، 44).
  • هذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء، ومن سلف الأمة، وهناك الكثير غيرهم، وكلها تؤكد وتجمع على ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي بكونه حقيقة لا خيال، وكوني آثرت ذكر المتقدمين، لأنه إذا ثبت عندهم؛ فهم أعرف منا، لأنه تسنى لهم الاطلاع على كثير من الكتب التي تعد في زمننا هذا في عداد المفقود، فهم الأصل الذي نحن عيال عليه، نقتبس منه ونثبت، كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية: العنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/5300-531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
  • ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة:
  • 1 – ورد في تاريخ الطبري (5/193) على لسان أبي مخنف - لوط بن يحيى - (ت 157هـ) وهو يصف معقل بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي وأصحابه، فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين.
  • 2 – الأصفهاني (ت 283هـ) ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليهودية (2/528).
  • 3 – أورد الناشئ الأكبر (ت 293هـ) في كتابه مسائل الإمامة (ص22-23) ما يلي: (وفرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، وهؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل يهودياً.. وسكن المدائن..).
  • 4 – ونقل القمي (ت 301هـ) في كتابه المقالات والفرق (ص20) أن عبد الله بن سبأ أو من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، وتبرأ منهم، وادعى أن علياً أمره بذلك.
  • 5 – ويتحدث النوبختي (ت 310هـ) في كتابه فرق الشيعة (ص23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، ولا يموت حتى يملك الأرض.
  • 6 – ويقول أبو حاتم الرازي (ت 322هـ) في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (305): (أن عبد الله بن سبأ ومن قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، وأنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته).
  • 7 – وروى الكشي (ت 340هـ) في الرجال (ص98-99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله: أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة، ويزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً. وهناك أقوال مشابهة عن جعفر الصادق وعلي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص70، 100) من نفس الكتاب.
  • 8 – ويذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي (ت 381هـ) في كتابه من لا يحضره الفقيه (1/213)، موقف ابن سبأ وهو يتعرض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء.
  • 9 – وجاء عند الشيخ المفيد (ت 413هـ) في كتاب شرح عقائد الصدوق (ص257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
  • 10 – وقال أبو جعفر الطوسي (ت 460هـ) في كتابه تهذيب الأحكام (2/322) أن ابن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو.
  • 11 – ابن شهر آشوب (ت 588هـ) في مناقب آل أبي طالب (1/227-228).
  • 12 – وذكر ابن أبي الحديد (ت 655هـ) في شرح نهج البلاغة (2/99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه.
  • 13 – وأشار الحسن بن علي الحلي (ت 726هـ) في كتابه الرجال (2/71) إلى ابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
  • 14 – ويرى ابن المرتضى (ت 840هـ) – وهو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص5، 6).
  • 15 – ويرى الأردبيلي (ت 1100هـ) في كتاب جامع الرواة (1/485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي ونبوته.
  • 16 – المجلسي (ت 1110هـ) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/286-287).
  • 17 - يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن وقيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وفي موسى مثل ما قال في علي).
  • 18 – طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص62).
  • 19 – وعند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
  • 20 – أما محمد حسين المظفري (ت 1369هـ) وهو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص10).
  • 21 – أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (13/141).
  • ثانياً: المنكرون وجود عبد الله بن سبأ من الفريقين..
  • أ – المنكرون لوجود عبد الله بن سبأ من أهل السنة ومن حسب عليهم:
  • 1 – الدكتور: طه حسين، يقف طه حسين على رأس الكتاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل وأنكروه. انظر كتاب الفتنة الكبرى - عثمان – (ص132)، وعلي وبنوه (ص90).
  • 2 – الدكتور: علي سامي النشار، وهو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارها شخصية وهمية. راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (2/38-39).
  • 3 – الدكتور: حامد حنفي داود، وهو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودها، وذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى) ومن ضمن ما قال: (وأخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بهذا السفر الجليل لصاحبه العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري)، أما رأيه في عبد الله بن سبأ فأوضحه بقوله: (ولعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغم عليهم أمرها فلم يفقهوها ويفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة عبد الله بن سبأ فيما لفقوه من قصص). (1/18، 21).
  • وضمن كتابه: التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص18).
  • 4 – وهناك أيضاً الدكتور: محمد كامل حسين في كتابه: أدب مصر الفاطمية (ص7).
  • 5 – وأيضاً: عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ (ص73)، حيث حجب هذا الشخص الغموض الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فلازم الإنكار.
  • 6 – والشيء بالشيء يذكر يعتبر حسن بن فرحان المالكي تلميذ المذكور أعلاه من المنكرين لوجود ابن سبأ، وفي أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة. راجع كلامه في جريدة المسلمون الأعداد (657، 658).
  • 7 – ومن المنكرين والمتشككين والمترددين في إثبات ونفي شخصية عبد الله بن سبأ، الدكتور: جواد علي في مقال له بعنوان (عبد الله بن سبأ) منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس (ص84، 100) وأيضاً في مجلة الرسالة العدد (778) (ص609-610).
  • 8 – وأيضاً الدكتور: محمد عمارة في كتابه الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية (ص154-155)، فيقول: (وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر الإسلامي إلى ابن السوداء هذا نشاط عظيماً وجهداً خرافياً)، ويقول: (فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده) إلى غيرها من النقولات.
  • 9 – والدكتور: عبد الله السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية (ص86)، إلا أنه يثبت وجود الأفكار التي تنسب إلى عبد الله بن سبأ، من غير جزم بوجود صاحبها.
  • ب – المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة:
  • 1 – محمد الحسين كاشف الغطاء، في كتابه أصل الشيعة وأصولها (ص61) يقول: (على أنه لا يستبعد أن يكون هو – أي عبد الله بن سبأ – ومجنون بني عامر وأبو هلال.. وأمثالهم أحاديث خرافية وضعها القصاص لتزجية الفراغ وشغل أوقات الناس).
  • 2 – مرتضى العسكري وله كتابان في هذا الموضوع، ينفي فيهما وجود ابن سبأ من الأصل، ويعتبر مرتضى هذا من أكثر الشيعة المحدثين اهتماماً بمسألة عبد الله بن سبأ. الكتاب الأول بعنوان: (عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري). ورمز له بالجزء الأول. الكتاب الثاني بعنوان: (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى).
  • 3 – محمد جواد مغنية، وقد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى لمرتضى العسكري (1/12). وكتاب التشيع (18).
  • 4 – الدكتور علي الوردي، في كتاب وعاظ السلاطين (ص273-276)، يقول: (يخيل إلي أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير)، ويعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول بأن ابن السوداء وهو عمار بن ياسر رضي الله عنه، (ص278).
  • 5 – عبد الله بن الفياض في كتابه تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة (ص95)، يقول: (يبدوا أن ابن سبأ كان شخصية إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة).
  • 6 – الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع (ص41)، وقد تابع الدكتور علي الوردي في كلامه حول كون عمار بن ياسر هو ابن السوداء، (ص88).
  • 7 – طالب الرفاعي في التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص20).
  • ولعل هذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد الله بن سبأ، هو بغرض نفي التأثير اليهودي في عقائد الشيعة، وتبرئة ساحتهم من عبد الله بن سبأ، ولكن أنى لهم ذلك.
  • وقد أعجبتني مقولة للدكتور سعد الهاشمي يقول فيها: (وبهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، ومن طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين - عندهم - على هذا اليهودي (ابن سبأ) ولا يجوز ولا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، وكذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص76).
  • ج – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين:
  • اهتم المستشرقون بمسألة عبد الله بن سبأ ودرسوا ما جاء عنه، ونحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال هؤلاء الحاقدين لإثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا، لكن تطرقت لذكرهم فقط من باب بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، كما فعل أبي هريرة رضي الله عنه عندما تعلم فضل سورة آية الكرسي من إبليس لعنه الله. البخاري مع الفتح (4/487-488).
  • 1 – المستشرق الألماني: يوليوس فلهاوزن (1844-1918م)، يقول: (ومنشأ السبئية يرجع إلى زمان علي والحسن، وتنسب إلى عبد الله بن سبأ وكما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً والواقع أنه من العاصمة صنعاء، ويقال أنه كان يهودياً). في كتابه: الخوارج والشيعة (ص170-171).
  • 2 – المستشرق: فان فلوتن (1866-1903م)، يرى أن فرقة السبئية ينتسبون إلى عبد الله بن سبأ فيقول: (وأما السبئية أنصار عبد الله بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخلافة منذ أيام عثمان، فكانوا يعتقدون أن جزءاً إلهياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده. السيادة العربية والشيعية والإسرائيليات في عهد بني أمية) (ص80).
  • 3 – المستشرق الإيطالي: كايتاني (1869-1926م)، يخلص هذا المستشرق في بحثه الذي نشره في حوليات الإسلام الجزء الثامن من سنة (33-35ه‍) إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية، كما وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه، وينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.
  • 4 – المستشرق: ليفي ديلافدا (المولود عام 1886م)، حيث مرّ بعبد الله بن سبأ وهو يتحدث عن خلافة علي من خلال كتاب أنساب الأشراف للبلاذري.
  • 5 – المستشرق الألماني: إسرائيل فريد لندر، وقد كتب مقالاً عن عبد الله بن سبأ في المجلة الآشورية العددين من سنة (1909م، ص322) و(1910م، ص23) بعنوان: (عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله اليهودي)و قد خلص في بحثه هذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه لا يتشكك مطلقاً في شخصية ابن سبأ.
  • 6 – المستشرق المجري: جولد تسيهر (1921م)، يقول: (كما أن الإغراق في تأليه على الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ). في كتابه: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص205).
  • 7 – رينولد نكلس (1945م)، يقول في كتابه تاريخ الأدب العربي (ص215): (فعبد الله بن سبأ الذي أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن، وقد قيل إنه كان من اليهود وقد أسلم في عهد عثمان وأصبح مبشراً متجولاً).
  • 8 – داويت. م. رونلدسن، يقول: (فقد ظهر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد الله بن سبأ قطع البلاد الإسلامية طولاً وعرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري). عقيدة الشيعة (ص85).
  • 9 – المستشرق الإنجليزي: برنارد لويس، فهو يرى أن عبد الله بن سبأ هو أصل التشيع. راجع كلامه في كتابه: أصول الإسماعيلية (ص86).
  • هذه أهم الكتابات الاستشراقية في موضوع عبد الله بن سبأ، وهناك غير هؤلاء الكثير، راجع للأهمية كتاب: عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص73).
  • أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين، فهم فئة قليلة والذين وقفوا في شخصية ابن سبأ وأصبحت عندهم مجرد خرافة ومحل شك، وليس هناك من داع لذكرهم، لعد انتشار أفكارهم بخلاف المثبتين فهم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليهم الكثير ممن تأثر بفكر الاستشراق، وكان هدف هؤلاء المستشرقين من ذلك التشكيك أو الإنكار هو ادعاء أن الفتن إنما هي من عمل الصحابة أنفسهم، وأن نسبتها إلى اليهود أو الزنادقة هو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليها الإخباريون والمؤرخون ليعلقوا أخطاء هؤلاء الصحابة على عناصر أخرى، على أن إنكار بعضهم لشخصية ابن سبأ إنما يرجع إلى رغبتهم في الانتهاء إلى النتيجة التالية: لا حاجة لمخرب يمشي بين الصحابة، فقد كانت نوازع الطمع وحب الدنيا والسلطة مستحوذة عليهم، فراحوا يقاتلون بعضهم عن قصد وتصميم، والقصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام وأهله، وإلقاء في روع الناس أن الإسلام إذا عجز عن تقويم أخلاق الصحابة وسلوكهم وإصلاح جماعتهم بعد أن فارقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمدة وجيزة، فهو أعجز أن يكون منهجاً للإصلاح في هذا العصر. انظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور: محمد أمحزون (1/314).
  • ([44]) انظر كتابنا "الإمامة في ضوء الكتاب والسنة" 1/5-35.
  • ([45]) انظر المرجع السابق.
  • ([46]) الروايات التي وضعها الشيعة في إحياء الموتى كثيرة جداً، ولم يقتصروا على البشر، بل تعدى إلى الحيوانات، وللشيعة شغف خاص بالحمير، كيف لا؟ وبعض رواياتهم من الحمير. عن أمير المؤمنين عليه السلام إن غُفيراً – حمار رسول الله صلّى الله عليه وآله – قال له: بأبي أنت وأمي – يا رسول الله – إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه: (أنه كان مع نوح في السفينة، فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار) (أصول الكافي 1/237).
  • ويعلق حسين الموسوي على هذه الرواية الشاذة والغريبة قائلاً: (لله.. ثم للتاريخ): وهذه الرواية تفيدنا بما يأتي:
  • 1- الحمار يتكلم!
  • 2- الحمار يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: فداك أبي وأمي!، مع أن المسلمين هم الذين يفدون رسول الله صلوات الله عليه بآبائهم وأمهاتهم لا الحمير.
  • 3- الحمار يقول: (حدثني أبي عن جدي إلى جده الرابع!) مع أن بين نوح ومحمد ألوفاً من السنين، بينما يقول الحمار أن جده الرابع كان مع نوح في السفينة. كنا نقرأ أصول الكافي مرة مع بعض طلبة الحوزة في النجف على الإمام الخوئي فرد الخوئي قائلاً: انظروا إلى هذه المعجزة، نوح سلام الله عليه يخبر بمحمد عليه السّلام وبنبوته قبل ولادته بألوف السنين.
  • بقيت كلمات الخوئي تتردد في مسمعي مدة وأنا أقول في نفسي: وكيف يمكن أن تكون هذه معجزة وفيها حمار يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأبي أنت وأمي؟! وكيف يمكن لأمير المؤمنين سلام الله عليه أن ينقل مثل هذه الرواية؟! لكني سكت كما سكت غيري من السامعين.
  • وإليك بعض الروايات الخاصة بإحياء الموتى من الحمير: عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر الباقر - عليه السلام - قال: خرجنا معه من مكة في عدة من أصحابنا فبينا نحن نسير ونحن معه إذ وقف على رجل قد نفق حماره وبيده رحله، فقال له الراجل: يا ابن رسول الله - صلّى الله عليه وآله - ادع الله أن يحيي لي حماري فقد قطع بي، قال جابر: فحرك أبو جعفر - عليه السلام - شفتيه بما لم يسمعه أحد منه، فإذا نحن بالحمار، وقد انتفض فأخذ صاحبه، وحمله عيه رحله، وسار معنا حتى دخل مكة. (إثبات الهداة للعاملي 3/62 مدينة المعاجز للبحراني 5/127).
  • وعن المفضل بن عمر قال: بينما أبو جعفر (ع) سائر معنا إلى المدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق، فإذا رجل منهم قد نفق حماره، وتبدد متاعه، وهو يبكي، فلما رأى أبا جعفر (ع) أقبل إليه، وقال له: يا ابن رسول الله - صلّى الله عليه وآله - نفق حماري، وبقيت منقطعاً، فادعوا الله أن يحيي لي حماري. قال: فدعا أبو جعفر (ع) فأحيا الله تعالى له حماره. (مدينة المعاجز للبحراني 5/132، بحار الأنوار 46/260).
  • ([47]) الحق يُقال أن ابن سبأ في التفضيل كان لا يتعدى الصحابة أما الرافضة فقد تجاوزوا ذلك كثيراً حيث إنهم يعدّون الأنبياء والمرسلين عليهم السلام في المنـزلة دون الأئمة بل تجرأ حاخامهم الهالك والمسمّى بالخميني إلى تفضيل خرافة السرداب على خاتم الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليه وسلّم وللمزيد انظر كتابنا "الخميني وتفضيل الأئمة على الأنبياء".
  • ([48]) سبق الحديث عن الرقاع ومدى تهافت هذا الادعاء والزعم.
  • ([49]) انظر تفصيل ذلك كتاب "الخليفة المفترى عليه" صادق عرجون، فإنه - والحق يُقال - أفضل كتاب تناول بالتحليل شخصية أولئك القتلة المجرمين. وكذلك انظر كتابنا "عثمان رضي الله عنه" من سلسلة "شبهات حول الصحابة والرد عليها".
  • ([50]) لما حادث التحكيم من أهمية في التاريخ السياسي للدولة الإسلامية، فإنه من الضروري إجلاء حقيقة وقائعه، حيث أُسيء تصور هذا الحادث، بقدر ما أُسيء تفسيره، فنتج عن الأمرين خلط كثير وإساءة إلى مكانة الصحابة وقدرهم، حيث باتت القصة الشائعة بين الناس عن حادث التحكيم تتهم بضعهم بالخداع والغفلة، وتتهم آخرين بالصراع حول السلطة.
  • وبإخضاع هذه الرواية للدراسة والتحليل يلاحظ عليها أمران: ضعف سندها واضطراب متنها.
  • أما سندها ففيه راويان متهمان في عدالتهما وهما: أبو مخنف لوط بن يحيى وأبو جناب الكلبي. الأول: ضعيف ليس بثقة، والثاني: قال فيه ابن سعد: كان ضعيفاً، وقال البخاري وأبو حاتم: كان يحيى بن القطان يضعفه، وقال عثمان الدارمي: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف.
  • أما المتن فيلاحظ عليه ثلاثة أمور، أحدها: يتعلق بالخلاف بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما. والذي أدّى إلى الحرب بينهما، والثاني: يتعلق بمنصب كل من علي ومعاوية، والثالث: خاص بشخصية أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
  • 1 – موضوع الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما: من المعروف والمتفق عليه بين جميع المؤرخين أن الخلاف بين علي ومعاوية كان سببه أخذ القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه. فقد ظن معاوية أن علياً قد قصّر فيما يجب عليه من القصاص لعثمان بقتل قاتليه، ومن ثمّ رفض بيعته وطاعته، إذ رأى القصاص قبل البيعة لعلي، وهو وليّ الدم لقرابته من عثمان.
  • وبموقف معاوية هذا في الامتناع عن بيعة علي انتظاراً للقصاص من قتلة عثمان، ولعدم إنفاذ أوامره في الشام أصبح معاوية ومن تبعه من أهل الشام في نظر علي في موقف الخارجين على الخلافة، إذ كان رأيه أن بيعته قد انعقدت برضاء من حضرها من المهاجرين والأنصار بالمدينة، فلزمت بذلك بقية المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية. ولذلك رأى أن معاوية ومن معه من أهل الشام بُغاة خارجون عليه، وهو الإمام منذ بُويع بالخلافة، فقرّر أن يُخضعهم وردّهم إلى حظيرة الجماعة ولو بالقوة.
  • وفهم الخلاف على هذه الصورة – وهي صورته الحقيقية – يبين إلى أي مدى تخطئ الرواية السابقة عن التحكيم في تصوير رأي الحكمين. إن الحكمين مفوضين للحكم في الخلاف بين علي ومعاوية، ولم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن أحق بها منهما، وإنما كان حول توقيع القصاص على قتلة عثمان رضي الله عنه، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء، فإذا ترك الحكمان هذه القضية الأساسية، وهي ما طلب إليهما الحكم فيه، واتخذا قراراً في شأن الخلافة كما تزعم الرواية الشائعة، فمعنى ذلك أنهما لم يفقها موضوع النـزاع، ولم يُحيطا بموضوع الدعوى، وهو أمر مُستبعد.
  • 2 - منصب كل من علي ومعاوية ومكانتهما: كان معاوية رضي الله عنه قد تولّى حكم الشام نائباً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبقي في ولايته إلى أن مات عمر، وتولى عثمان رضي الله عنه أمر الخلافة فأقرّه في منصبه، ثم قُتل عثمان وتولى علي رضي الله عنه الخلافة فلم يُقر معاوية في عمله، حيث أصبح معزولاً بعد انتهاء ولايته بمقتل الخليفة الذي ولاّه.
  • وبذلك فقد معاوية مركزه ومنصبه كوالٍ لبلاد الشام، وإن لم يفقد مركزه الفعلي أو الواقعي كحاكم غير مُولّى للشام بحكم اتباع الناس إياه، واقتناعهم بالسبب الذي جعله يرفض بيعة علي، وهو المطالبة باقتضاء حقه في القصاص من قتلة عثمان باعتباره وليّاً للدم.
  • وإذا كان الأمر كذلك – وهو الثابت تاريخياً – فإن قرار الحكمين إذاً نضمن فيما تزعم الرواية المذكورة عزل كل من علي ومعاوية. فقد ورد العزل في حق معاوية على غير محله، لأنه إذا تصورنا أن يعزل الحكمان علياً من منصب الخلافة إذا فرضنا جدلاً أنهما كانا يحكمان فيها. ولكن عمّ يعزلان معاوية؟ هل كانا يملكان عزله عن قرابته أو منعه من المطالبة بحقه فيها؟.. وهل عهد التاريخ في حقبة من حقبه أن يُعزل ثائر عن زعامة الثائرين معه بقرار يصدره قاضيان؟.. ولا شك أن هذا عامل آخر يؤيد بطلان القصة الشائعة عن قضية التحكيم والقرار الصادر فيها.
  • 3 - شخصية كل من أبى موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضي الله عنهما: إن القول بأن أبا موسى الأشعري كان في قضية التحكيم ضحية خديعة عمرو بن العاص ينافي الحقائق التاريخية الثابتة عن فضله وفطنته وفقهه ودينه والتي تثبت له بتوليه بعض أعمال الحكم والقضاء في الدولة الإسلامية منذ عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
  • فقد استعمله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على زبيد وعدن، واستعمله عمر رضي الله عنه على البصرة وبقي والياً عليها إلى أن قُتل عمر. وكذلك استعمله عثمان رضي الله عنه على البصرة، ثم على الكوفة، وبقي والياً عليها إلى أن قُتل عثمان. فأقرّه علي رضي الله عنه. فهل يُتصوّر أن يثق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثم خلفاؤه من بعده برجل يُمكن أن يتجوز عليه مثل هذه الخدعة التي ترويها قصة التحكيم؟.
  • هذا وقد شهد الصحابة وكثير من علماء التابعين لأبي موسى رضي الله عنه بالرسوخ في العالم، والكفاءة في الحكم، والفطنة والكياسة في القضاء. فكيف يمكن تصور غفلته إلى هذا الحد؟.. فلا يفقه حقيقة النـزاع الذي كُلّف بالحكم فيه، ويصدر فيه قراراً لا محلّ له، وهو قرار عزل الخليفة الشرعي بدون مبرّر يسوغ هذا الفعل، وقرار عزل معاوية المزعوم، ثم يقع منه ومن عمرو بن العاس ما نُسب إليهما من السبّ والشتم، وهو أمر يتعارض مع ما عُرف وتواتر عن الصحابة رضوان الله عليهم من حسن الخلق وأدب الحديث.
  • وإذا كان علم أبي موسى رضي الله عنه وخبرته في القضاء يحولان بينه وبين أن يخطئ الحكم في القضية التي أُوكل إليه النظر في أمرها، فإن ذلك أيضاً هو شأن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي يُعتبر من أذكياء العرب وحكمائهم، وقد أمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يقضي بين خصمين في حضرته، وبشّره حين سأله: يا رسول الله أقضي وأنت حاضر؟ بأن له إن أصاب أجران وإن أخطأ أجر واحد حين قال له: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ له أجر.
  • وقبول تلك الرواية يعني الحكم على عمرو بن العاص رضي الله عنه بأنه كان في أداء مهمته رجلاً تُسيّره الأهواء، فتطغى لا على فطنته وخبرته فحسب، بل على ورعه وتقواه أيضاً. على أنه رضي الله عنه كان من أجلاء الصحابة وأفاضلهم، مناقبه كثيرة، ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فتاواه أن أحداً من السلف لم يتهم عمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما بنفاق أو خداع.
  • وبهذا يتبين من خلال الأمور التي عرضت سابقاً كذب الرواية الشائعة بين الناس عن التحكيم بأي معيار من معايير النقد الموضوعي للنصوص التاريخية. (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين للدكتور محمد أمحزون ج2 ص223-232 باختصار، والكتاب ذو أهمية بالغة لمن يريد أن يفقه تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لاسيما في الفترة الحرجة من تاريخ هذه الأمة).
  • ([51]) هو رضى الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس الهالك سنة 664ه‍، انظر ترجمته: نقد الرجال للتفرشي 244، أمل الآمل للحر العاملي 2/205، لؤلؤة البحرين للبحراني 239، منتهى المقال للقمي 357، خاتمة المستدرك للنوري (الطبعة القديمة) 3/467، والذريعة للطهراني 12/182.
  • ([52]) هذا من مختلقات الرافضة وأما الحقيقة فخلاف ذلك.
  • ([53]) ومع هذا فلا يمكن أن ننفي عنه رحمه الله تعالى بأنه هاشمي قرشي من أولاد علي رضي الله عنه وإن كانت أمه من سبي بني حنيفة.
  • ([54]) وهل قام دليل واحد على ادعاء الرافضة بإمامة أئمتهم المزعومين حتى ينفي المؤلف رحمه الله تعالى إقامة الدليل على إمامة محمد بن الحنفية رحمه الله تعالى؟ إن فرق الشيعة لا يعجزهم اختلاق الأدلة على إمامة من يرونه أنه إمام. وابن الحنفية رحمه الله تعالى أرفع شأناً من أن ينساق وراء هؤلاء الرعاع وأجلّ قدراً من أن يجعل المختار الثقفي الكذاب داعية لإمامته.
  • ([55]) هما هشام بن سالم، وهشام بن الحكم.
  • ([56]) ستأتي ترجمته.
  • ([57]) وهو البداء كما يزعمون.
  • ([58]) هو زرارة بن أعين، قال عنه الطوسي في الفهرست ص104 ترجمة رقم 314: زرارة بن أعين واسمه عبد ربه، يكنى أبا الحسن، وزرارة لقب له، وكان أعين بن سنسن عبداً رومياً لرجل من بني شيبان، تعلم القرآن ثم أعتقه، فعرض عليه أن يدخل في نسبه فأبى أعين أن يفعله، وقال: أقرني على ولائي، وكان سنسن راهباً في بلد الروم، وزرارة يكنى أبا علي.
  • وبالنسبة لمرويات زرارة في الكتب المعتمدة عند الشيعة، أعني بها: الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب والاستبصار، فيقول الخوئي في "معجم رجال الحديث"ج7 ص247: وقع بعنوان زرارة في إسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين وأربعة وتسعين مورداً".
  • ولا نعجب إذا رأينا راوياً مثل زرارة وهو الملعون على لسان أئمته المعصومين يروي هذا الكم الهائل من المرويات، فالعقل إذا ذهب يجد الكذب مكاناً له لنسج الأكاذيب. وللوقوف على حال زرارة من واقع كتب الشيعة الرجالية يمكن الرجوع إلى كتابنا "نقد ولاية الفقيه" ص118-186.
  • ([59]) الواقفة فرقة من فرق الشيعة، وسمّوا بالواقفة لوقوفهم في إمامة أبي الحسن موسى بن جعفر، وخير من يوضح لنا حقيقة الواقفة الحسن بن موسى النوبختي فيقول في كتابه "فرق الشيعة" ص78 وما بعدها: وقالت الفرقة السادسة منهم أن الإمام (موسى بن جعفر) بعد أبيه وأنكروا إمامة عبد الله وخطّأوه في فعله وجلوسه مجلس أبيه وادعائه الإمامة وكان فيهم من وجوه أصحاب أبي عبد الله عليه السلام.... ثم إن جماعة المؤتمين بموسى بن جعفر لم يختلفوا في أمره فثبتوا على إمامته إلى حبسه في المرة الثانية، ثم اختلفوا في أمره، فشكوا في إمامته عند حبسه في المرة الثانية التي مات فيها في حبس الرشيد، فصاروا خمس فرق.
  • فرقة زعمت أنه مات في حبس السندي بن شاهك وأن يحيى بن خالد البرمكي سمّه في رطب وعنب بعثهما إليه فقتله، وأن الإمام بعد موسى، علي بن موسى الرضا، فسميت هذه الفرقة "القطعية" لأنها قطعت على وفاة موسى بن جعفر وعلى إمامة علي ابنه بعده، ولم تشك في أمرها ولا ارتابت ومضت على المنهاج الأول.
  • وقالت الفرقة الثانية: إن موسى بن جعفر لم يمت، وإنه حي لا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها، ويملأها كلها عدلاً كما ملئت جوراً، وأنه القائم المهدي، وزعموا أنه خرج من الحبس، ولم يره أحد نهاراً، ولم يعلم به، وأن السلطان وأصحابه ادّعوا موته، وموّهوا على الناس وكذبوا، وأنه غاب عن الناس واختفى، ورووا في ذلك روايات عن أبيه جعفر بن محمد أنه قال: هو القائم المهدين فإن يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدقوا فإنه القائم.
  • وقال بعضهم: أنه القائم وقد مات، ولا تكون الإمامة لغيره حتى يرجع فيقوم ويظهر، وزعموا أنه قد رجع بعد موته، إلا أنه مختف في موضع من المواضع، حي يأمر وينهى، وأن أصحابه يلقونه ويرونه، واعتلوا في ذلك بروايات عن أبيه أنه قال: سمي القائم قائماً لأنه يقوم بعد ما يموت.
  • وقال بعضهم: أنه قد مات وأنه القائم، وأن فيه شبهاً من عيسى بن مريم عليه السلام، وأنه لم يرجع ولكن يرجع في وقت قيامه، فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وأن أباه قال: أن فيه شبهاً من عيسى بن مريم وأنه يُقتل في يدي ولد العباس، فقد قتل.
  • وأنكر بعضهم قتله وقالوا: مات ورفعه الله إليه، وأنه يرده عند قيامه فسموا هؤلاء جميعاً "الواقفة" لوقوفهم على علي بن موسى بن جعفر أنه الإمام القائم، ولم يأتموا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره.
  • وقد قال بعضهم فمن ذكر انه حي أن الرضا عليه السلام ومن قام بعده ليسوا بأئمة، ولكنهم خلفاؤه واحداً بعد واحد إلى أوان خروجه، وأن على الناس القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم، وقد لقب الواقفة بعض مخالفيها ممن قال القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم، وقد لقب الواقفة بعض مخالفيها ممن قال بإمامة علي بن موسى "الممطورة" وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها، وكان سبب ذلك أن علي بن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمن ناظراً بعضهم فقال له علي ابن إسماعيل وقد اشتد الكلام بينهم: ما أنتم إلا كلاب ممطورة. أراد أنكم أنتن من جيث، لأن الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف فلزمهم هذا اللقب. فهم يُعرفون به اليوم، لأنه إذا قيل للرجل أنه ممطور فقد عُرف أنه من الواقفة على موسى بن جعفر خاصة، لأن كل من مضى منهم فله واقفة وقفت عليه، وهذا اللقب لأصحاب موسى خاصة.
  • وقالت فرقة منهم: لا ندري أهو حي أم ميت لأنا قد روينا فيه أخباراً كثيرة تدل على أنه القائم المهدي، فلا يجوز تكذيبها، وقد ورد علينا من خبر وفاة أبيه وجده والماضين من آبائه في معنى صحة الخبر، فهذا أيضاً مما لا يجوز رده وإنكاره لوضوحه وشهرته وتواتره من حيث لا يكذب مثله، ولا يجوز التواطؤ عليه، والموت حق، والله عزَّ وجلَّ يفعل ما يشاء، فوقفنا عند ذلك على إطلاق موته وعلى الإقرار بحياته، ونحن مقيمون على إمامته لا نتجاوزها حتى يصح لنا أمره وأمر هذا الذي نصب نفسه مكانه وادّعى الإمامة يعنون علي بن موسى الرضا، فإن صحت لنا إمامته كإمامة أبيه من قبل بالدلالات والعلامات الموجبة للإمامة بالإقرار منه على نفسه بإمامته وموت أبيه، لا بإخبار أصحابه، سلمنا له ذلك وصدّقناه، وهذه الفرقة أيضاً من الممطورة، وقد شاهد بعهم من أبي الحسن الرضا أموراً فقطع عليه بالإمامة وصدقت فرقة منهم بعد ذلك روايات أصحابه وقولهم فيه فرجعت إلى القول بإمامته... اهـ.
  • وقد وردت من طريق الشيعة روايات كثيرة في ذم الواقفة وأنهم كفار وزنادق من ذلك: عن علي بن عبد الله الزهري قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الواقفة. فكتب: الواقف عاند من الحق، ومقيم على سيئه، إن مات بها، كانت جهنم مأواه وبئس المصير (رجال الكشي 387، مسند الإمام الرضا 2/471).
  • الفضل بن شاذان رفعه عن الرضا، قال: سئل عن الواقفة؟ فقال: يعيشون حيارى ويموتون زنادقة (رجال الكشي 388، مسند الإمام الرضا 2/471).
  • يوسف بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن الرضا: أعطي هؤلاء الذين يزعمون أن أباك حي من الزكاة شيئاً؟. قال: لا تعطهم فإنهم كفار مشركون زنادقة (رجال الكشي 387، مسند الإمام الرضا 2/471).
  • عن بكر بن صالح قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما يقول الناس في هذه الآية؟. قلت: جعلت فداك فأي آية؟. قال: قول الله عزَّ وجلَّ: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}. قلت: اختلفوا فيها. قال أبو الحسن عليه السلام: ولكن أقول نزلت في الواقفة، إنهم قالوا: لا إمام بعد موسى عليه السلام فرد الله عليهم، بل يداه مبسوطتان، واليد هو الإمام في باطن الكتاب، وإنما عنى بقولهم: لا إمامك بعد موسى بن جعفر (رجال الكشي 388، مسند الإمام الرضا 2/472).
  • عن محمد بن عاصم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: يا محمد بلغني أنك تجالس الواقفة؟ قلت: نعم جعلت فداك أجالسهم وأنا مخالف لهم. قال: لا تجالسهم، فإن الله عزَّ وجلَّ يقول: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم} يعني بالآيات الأوصياء الذي كفروا بها الواقفة (رجال الكشي 389، مسند الإمام الرضا 2/472).
  • عن سليمان الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بالمدينة إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة، فسأله عن الواقفة. فقال أبو الحسن عليه السلام {ملعونين أينما ثقفوا أُخذوا وقتلوا تقتيلاً، سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة تبديلاً} والله إن الله لا يبدلها حتى يقتلوا عن آخرهم (رجال الكشي 389، مسند الإمام الرضا 2/472).
  • عن محمد بن أبي عمير عن رجل من أصحابنا قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك قوم قد وقفوا على أبيك يزعمون أنه لم يمت. قال: كذبوا وهم كفار بما أنزل الله عزَّ وجلَّ على محمد صلَّى الله عليه وآله، ولو كان الله يمدّ في أجل أحد من بني آدم لحاجة الخلق إليه، لمدّ الله في أجل رسول الله صلَّى الله عليه وآله (رجال الكشي 389، مسند الإمام الرضا 2/472).
  • أقول: هذه الرواية من الأدلة القوية على فساد اعتقاد الشيعة في المهدي الموهوم عندهم.
  • وبعد هذا البيان ربما يتساءل بعض القراء عن السبب الذي دعاهم إلى الوقف، هل هذا الوقف باعثه التغيير العقائدي؟ أم أنه من واقع حب الذات والاستئثار بالأموال التي تُجمع تحت ستار "خُمس الإمام"؟ وإنهم أدركوا بعد مشوار طويل في هذا الطريق أنهم أحق بها من إمامهم المعصوم؟
  • أنا شخصياً أُرجّح السبب الثاني ويؤيدني فيما أذهب إليه شيخ الطائفة عند الشيعة "الطوسي"، وقبل أن أذكر كلام الطوسي أحب أن أذكر أن أعمدة الواقفة لم يستطيعوا إقناع فئات كثيرة من الشيعة بصحة هذا المعتقد إلا بعد أن بذلوا لمعتنقي هذا المبدأ الأموال الطائلة، وقد نجحت فكرتهم وأتخمت جيوبهم بالأموال الوفيرة، وهذا دليل على هشاشة الدين الشيعي، وهذا ما ينطبق على آيات قم والنجف من أكل أموال الناس بالباطل تحت مسمى "الخمس".
  • يقول الطوسي في كتابه الغيبة ص42 وما بعدها: وقد روي السبب الذي دعا قوماً إلى القول بالوقف، فروى الثقات أن أول من أظهر هذا الاعتقاد علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي وعثمان ابن عيسى الرواسي، طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها، واستمالوا قوماً فبذلوا لهم شيئاً مما اختانوه من الأموال نحو حمزة بن بزيع وابن المكاري وكرام الخثعمي وأمثالهم.
  • فروى محمد بن يعقوب .... عن يونس بن عبد الرحمن قال: مات أبو إبراهيم عليه السلام، وليس قوامه أحد إلا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في المال، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، فلما رأيت ذلك وتبينت الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا ما علمت تكلمت ودعوت الناس إليه، فبعثا إليّ وقالا: ما يدعوك إلى هذا، إن كنت تريد المال فنحن نغنيك، وضمنا إليّ عشرة آلف دينار، وقالا: كف ... فأبيت.
  • ([60]) انظر على سبيل المثال:
  • اختيار معرفة الرجال ج1: 63، 120، 194، 270، 378، 397، 404، 405، 406 .
  • ج2: 659، 748، 768، 769، 772، 774، 830، 858 .
  • رجال الطوسي: 201، 242، 333، 343، 344، 345، 346، 348، 349، 350، 353، 354، 355، 357، 358، 359، 360، 361، 362، 364، 366، 370، 380، 382، 474، 501 .
  • معالم العلماء: 47، 72، 87، 89، 91، 102، 114، 123 .
  • خلاصة الأقوال: 97، 130، 135، 197، 198، 199، 201، 202، 205، 207، 209، 210، 211، 212، 215، 218، 219، 221، 222، 232، 234، 236، 237، 246، 247، 251، 257، 259، 264، 265، 266، 276 .
  • إيضاح الاشتباه: 84، 94، 96، 141، 167، 181، 190، 194، 200، 241، 258، 268، 298 .
  • رجال ابن داود: 86، 90، 100، 165، 209، 210، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 234، 235، 236، 239، 241، 242، 243، 245، 246، 247، 249، 254، 255، 256، 257، 258، 259، 260، 261، 263، 264، 265، 266، 267، 268، 269، 270، 273، 274، 280، 281، 284، 285، 288، 298، 308، 309، 310، 311، 312 .
  • التحرير الطاووسي: 41، 50، 87، 125، 147، 163، 197، 226، 230، 236، 241، 345، 360، 438، 439، 448، 450، 484، 492، 538، 543، 544، 571، 608، 619 .
  • ([61]) لا يمكننا التسليم بهذا القول على إطلاقه، فالصدّيق ثم الفاروق ثم ذو النورين ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً بإجماع الأمة أفضل الخلق بعد نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم، وهل يمكننا تفضيل خرافة السرداب عند الرافضة أو من قبله عدا علي والحسنين رضي الله عنهم جميعاً على المهاجرين والأنصار؟. ونحن لا ننتقص من قدر آل البيت ولكن ليس للعاطفة سبيل في عقيدتنا وإسلامنا رضي من رضي وسخط من سخط، ولا نستطيع من أجل سواد عيون الرافضة أن ننتقص من أسلافنا وقدوتنا لنُرضي الرافضة، ونحن نعلم وكافة المطلعين على عقيدة الرافضة أن الولاء المزعوم لأهل البيت ليس بولاء نابع من الإسلام ولكنه ستار يتخذونه للكيد للإسلام وأهله، وهل أوضح من تكفيرهم للأمة واستحلال دمائهم وأعراضهم وأموالهم؟، ولا أعتقد أن هناك عالماً أو طالب علم يستطيع أن يقول بأن علماء وأحبار الشيعة مسلمون، فدينهم غير ديننا وربّهم غير ربّنا كما صرّح بذلك نعمة الله الجزائري الرافضي في كتابه "الأنوار النعمانية"، هذه هي الحقيقة التي يتجاهلها الذين جعلوا من طهران مأوى لهم يزورونها بين حين وآخر، وغرّتهم كلمات الثناء والتبجيل التي يكيلها آيات قم لهم كلما زاروا طهران وشاركوا في مؤتمراتهم التقريبية، ولكننا بحمد الله تعالى عاشرناهم وبلوناهم فما وجدنا إلا قلوباً أشد حلكة من سواد الليل ونفاقاً يخجل منه ابن سلول وزندقة فاقت زندقة البرامكة والعبيديين وربما يتهمني البعض بالمبالغة في وصفهم، وهذا الحكم لم يكن صادراً عن هوى أو تعصب بل نتيجة دراسة وتمحيص دامت أكثر من ثمان وعشرين سنة قضيتها من عمري في البحث والتنقيب في مؤلفات الرافضة قديمها وحديثها، وليس المجال هنا للتفصيل، يا قوم إن الرافضة في دعوتهم هذه يسعون للحصول على اعتراف من أهل السنة بأنهم مسلمون، أهم حريصون على الوحدة ودماء إخواننا أهل السنة في إيران لم تجف بعد ومازالوا يطاردونهم حتى يجلوهم عن ديارهم، فلنتفكر في ذلك قليلاً، وللوقوف على حقيقة ذلك انظر مؤلفات العلامة إحسان إلهي ظهير رحمه الله تعالى والدكتور علي السالوس والأستاذ محمد عبد الله الغريب والدكتور ناصر القفاري.
  • ([62]) انظر كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "رفع الملام عن الأئمة الأعلام".
  • ([63]) انظر "الفرق بين الفرق" للبغدادي ص27 .
  • ([64]) انظر المصدر السابق ص16 .
  • ([65]) انظر المصدر السابق ص45 .
  • ([66]) انظر "مختصر التحفة" ص16 .
  • ([67]) فرقة من "الإسماعيلية أصحاب المبارك، يعتقدون الإمام بعد جعفر ابنه الأكبر إسماعيل ثم ابنه محمد وهو خاتم الأئمة والمهدي المنتظر (مختصر التحفة 17).
  • ([68]) من الإسماعيلية وهم أصحاب قرمط، وهو المبارك، وقال بعض العلماء اسم رجل آخر من سواد الكوفة اخترع ما عليه القرامطة، وقيل هو اسم أبيه، وأما المخترع نفسه فاسمه حمدان، وكان ظهوره سنة سبعين ومائتين، وقيل إن قرمط اسم لقرية من قرى واسط منها حمدان المخترع، وهو قرمطي وأتباعه قرامطة، وكان ظهوره فيها، وقيل غير ذلك، ومذهبهم أن إسماعيل بن جعفر خاتم الأئمة وهو حي لا يموت، ويقولون بإباحة المحرمات (مختصر التحفة 17).
  • ([69]) أصحاب يحيى بن أبي الشميط يزعمون أن الإمامة تعلقت بعد الصادق بكل من أبنائه الخمسة بهذا الترتيب: إسماعيل، ثم محمد، ثم موسى الكاظم، ثم عبد الله الأفطح، ثم إسحاق (مختصر التحفة 17).
  • ([70]) انظر "مختصر التحفة" ص18 .
  • ([71]) وقد يقال لهم "الصباحية" و "الحميرية" نسبة للحسن ابن صبّاح الحميري حيث قام بالدعوة لطفل سمّاه الهادي زاعماً أنه ابن نزار، فهو الإمام عندهم بعد أبيه، ثم ابنه الحسن، وزعم هذا أنه يجوز للإمام أن يفعل ما يشاء، وأن يُسقط التكاليف الشرعية. وقد قال لأصحابه: إنه أُوحي إليّ أن أُسقط عنكم التكاليف الشرعية، وأُبيح لكم المحرمات، بشرط أن لا تنازعوا بينكم ولا تعصوا إمامكم. ثم ابنه محمد وكان متخلقاً بأخلاق أبيه، وكذا ابنه علاء الدين محمد، وقد صار ملحداً بعد أبيه الحسن، وكذا ابنه ركن الدين.
  • وقد ظهر في زمن هذا جنكيز خان فخرّب مملكته وكان إذ ذاك بالري وتحصّن في قلعة الموت من قلاع طبرستان، ولم يتم له ذلك، بل كان آخر أمره من أتباع جنكيز خان، وقد انطلق معه حين عاد إلى وطنه فمات في الطريق، ثم خرج ابنه الملقب نفسه بجديد الدولة، فلما سمع به ملوك التتار فرقوا جمعه فاختفى في قرى طبرستان حتى مات، فلم يبق من أولاده أحد مدعياً الإمامة (مختصر التحفة 19-20).
  • ([72]) هو سليم بن قيس العامري تزعم الشيعة أنه من أصحاب علي رضي الله عنه وهو صاحب كتاب السقيفة وهو كتاب يتناسب مع عقلية الشيعة من الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وقد حاول بعض المعاصرين من الشيعة الطعن في صحة نسبة الكتاب إلى سليم بن قيس ولكن أساطين التشيع اعتبروه من أصول دينهم المبني على الغلو والطعن في سلف الأمة وإليك نماذج من أقوال علمائهم في الكتاب.
  • قال حيدر علي الفيض آبادي: (كأن صحة هذين الكتابين أي كتاب سليم وتفسير أهل البيت (يريد به تفسير القمي) وأصحية واحد منهما على سبيل منع الخلو إجماعي عند محققي الشيعة، وعليه فمحتوى الكتابين (عند الشيعة) صادر بعلم اليقين عن لسان ترجمان الوحي النبوي، وذلك لأن جميع علوم الأئمة الصادقين تنتهي إلى هذه البحار الذاخرة). (منتهى الكلام: ج3 ص29، ونقله عند حامد حسين في استقصاء الأفحام: ج2 ص350).
  • وقال النعماني في كتابه "الغيبة" ص61: (ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول).
  • وقال ابن الغضائري: (ينسب إليه هذا الكتاب المشهور). (خلاصة الأقوال: ص83).
  • وقال هاشم البحراني في كتابه "غاية المرام" 549: (وهو كتاب مشهور معتمد نقل عنه المصنفون في كتبهم).
  • وقال المجلسي المتوفى سنة 1111: (كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار). وقال أيضاً: (كتاب معروف بين المحدثين). (بحار الأنوار 1/32).
  • وقال النوري: (كتابه من الأصول المعروفة وللأصحاب إليه طرق كثيرة).
  • وقال أيضاً: (إنه كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين). (مستدرك الوسائل: ج3 ص73).
  • وقال القمي في "الكنى والألقاب" 3/243: (كتاب معروف بين المحدثين).
  • وقال الطهراني "الذريعة إلى تصانيف الشيعة" 2/153: (كتاب سليم هذا من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة).
  • وقال محسن العاملي في "أعيان الشيعة" 35/293 (كتاب مشهور).
  • وقال الأميني في "الغدير" 1/195: (كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة).
  • وقال المرعشي النجفي في "إحقاق الحق" 2/421 بالهامش: (كتاب معروف مطبوع منتشر في الأقطار).
  • ([73]) البطائني ضعيف ولم يُنص على توثيقه وهو ملعون على لسان أئمة الشيعة المزعومين بل جزموا بدخوله النار، وقد ذكرت ذلك مفصلاً في كتابي "نقد ولاية الفقيه" 67-112 .
  • وأما مرويات البطائني في الكتب الأربعة عند الشيعة فيقول الخوئي "معجم رجال الحديث" وقع بهذا العنوان في إسناد كثير من الروايات تبلغ خمسمائة وخمسة وأربعين مورداً".
  • والعجيب أن الخميني كذب على قومه وزعم أن بعض علماء الرجال الشيعة نصّ على توثيقه، وربما يتساءل البعض عن سبب هذا الكذب المتعمد أو على أقل تقدير جهله بالجرح والتعديل، ولكن السبب يزول حينما يعلم أن كذب الخميني مصدره تأييد نظريته الشاذة "ولاية الفقيه". فيقول في كتابه "البيع" 2/470-471 وكتابه "بحث استدلالي علمي في ولاية الفقيه" 27-28: ومنها رواية علي بن أبي حمزة... وليس في سندها من يناقش فيه إلا علي بن أبي حمزة البطائني وهو ضعيف على المعروف، وقد نقل توثيقه عن بعض، وعن الشيخ (يقصد الطوسي) في العُدّة: "علمت الطائفة بأخباره" وعن ابن الغضائري "أبوه أوثق منه" وهذه الأمور وإن لا تثبت وثاقته مع تضعيف علماء الرجال وغيرهم إياه، لكن لا منافاة بين ضعفه والعمل برواياته اتكالاً على قول شيخ الطائفة، وشهادته بعمل الطائفة برواياته وعمل الأصحاب جابر للضعف من ناحيته، ولرواية كثير من المشايخ وأصحاب الإجماع عنه...
  • ولست بصدد الرد على الهراء الذي ينم عن جهل مركب بأساسيات علم الرواية عند الشيعة، وأدع أحد علمائهم المختصين الشيعة يرد على هذا الإفك، فيقول الغريفي في كتابه "قواعد الحديث" 101: "وأما دعوى الشيخ الطوسي بأخباره فقد صرح بها عند البحث عن روايات الفطحية ونظائرهم. فقال: إن كل ما رووه ليس هناك ما يخالفه، ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضاً العمل به إذا كان متحرجاً في روايته، موثوقاً في أمانته، وإن كان مخطئاً في أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة.. فيما لم يكن عندهم فيه خلافه.
  • قال أبو عبد الرحمن: الذي نقله الغريفي عن الطوسي مذكور في كتابه "العدة" ص61، ولكن الطوسي يناقض قوله تماماً حيث ذكر في كتابه "الغيبة" ص44: "وإذا كان أصل هذا المذهب (الواقفة) أمثال هؤلاء فكيف يُوثق برواياتهم أو يُعوّل عليهم".
  • وأما شهادة الطوسي بتوثيق البطائني كما يزعم الخميني فيقول الغريفي ص101-104: أما الشهادة بالتوثيق فتناقش من وجوه:
  • الأول: إني لم أر أحداً نسبها إلى الشيخ الطوسي، وعبارته تلك مشهورة ومعروفة، فلم يستفد الفقهاء والرجاليون منها ذلك، وإنما نسبوا إليه دعوى عمل الطائفة بأخباره فحسب، ولعله من أجل عدم ظهورها في التوثيق، وإنما ذكر الشيخ أمراً كلياً، وهو أن الراوي الذي يتصف بذلك يجب العمل بروايته، ثم علّل به عمل الطائفة بأخبار أولئك الجماعة، فيكون بصدد الاعتذار عن عملها، وأنها لا ترتكب الجزاف، لا بصدد إثبات توثيق المذكورين.
  • الثاني: على تقدير ظهور عبارة الشيخ في توثيق البطائني تحتمل أنه قد استند في ذلك إلى رواية ابن أبي عمير، وصاحبيه عنه، حيث ادّعى في كتاب "العدة": أنهم لا يروون إلا عن ثقة "وصرح في كتاب "الفهرست" بأن ابن أبي عمر وصفوان بن يحيى قد رويا عنه. كما صرح الصدوق (!!!) برواية البزنطي عنه.. لكن عرفت وهن تلك الدعوى، فلا يقبل التوثيق المبتنى عليها.
  • ويتحكم في هذا الإشكال في جميع توثيقات الشيخ التي لا نعلم مدركه فيها، إذا ثبت رواية أحد أولئك الثلاثة عن الشخص الموثق.
  • ويمكن القول: بأن الطوسي رأيناه لم يوثق بعض من روى عنه أولئك الثلاثة، فيكشف ذلك عن عدم استناده في توثيق البعض الآخر إلى روايتهم عنه. لكنه يوهن بأن الشيخ قد أهمل النص على توثيق كثير من الثقات. فلم يلتزم بالتصريح بالتوثيق في كل مورد يقتضيه كي يصلح تركه لتوثيق ذلك البعض كاشفاً عما ذكر.
  • نعم، قد سبق مناقشة دعوى الشيخ: أن أولئك الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة. بأنه قد اجتهد في ذلك. وعليه فإذا وثّق الشيخ شخصاً. واحتملنا استناده إلى رواية أحد الثلاثة عنه، يدخل في مسألة تردد التوثيق بين الحسي والحدسي، وقد بنى العرف على كفاية احتمال الحس في الأخبار. كما قد سبق، لكن الظاهر اختصاص كفايته بصورة احتمال اجتهاد المخبر، وبناء أخباره عليه. أما في صورة العلم باجتهاده، واحتمال استناده في إخباره إليه، كما في محل البحث، فلم يعلم كفاية احتمال الحس حتى يثبت عدم الفرق بين احتمال الاستناد في الإخبار إلى الاجتهاد المحتمل، وبين احتمال الاستناد فيه إلى الاجتهاد المعلوم.
  • الثالث: أن توثيق الشيخ للبطائني معارض بما صرّح به الشيخ في كتاب "الغيبة" من ذمه وتكذيبه فيتساقطان، بل يعارضه جميع ما سبق من أدلة ضعفه، فتقدم عليه، ويسقط عن الاعتبار.
  • وأما الشهادة بعمل الطائفة بأخباره، فتناقش من وجوه أيضاً:
  • الأول: أن الشيخ لم ينقل عملها بخبره مطلقاً، بل مشروطاً بأمرين، أحدهما: عدم كون ما يرويه مخالفاً لما عليه عمله خارجاً. الثاني: عدم وجود ما يخالفه من الروايات. ومقتضاه عدم صلاحيته لمعارضة غيره. فينحصر عملها في نطاق خاص. فلا يصلح مدركاً لاعتبار أخباره مطلقاً.
  • الثاني: أن الشيخ نقل عن أصحابنا أنهم لا يقبلون الأخبار التي يختص بروايتها الفطحية، والواقفة، ونظائرهم من الفرق المخالفة في أعيان الأئمة، ولا يتلفتون إلى ما يروونه. ومقتضى هذا الإطلاق عدم الفرق بين البطائين وغيره. وهو ينافي ما نقله سابقاً من اعتبار الطائفة بذينك الشرطين إلا أن نقيده بذلك.
  • الثالث: أن مباني الفقهاء مختلفة في العمل بالأخبار على ما سبق. فلا نعرف الوه الذي دعا إلى العمل بخبره. ولعله رواية أصحاب الإجماع او ابن أبي عمير، وصاحبيه عنه. أو بعض المباني الأخرى التي لا يرى الفقيه حجيتها.
  • الرابع: أن الشيخ ادعى إجماع الطائفة على العمل بالأخبار التي رووها في تصانيفهم، ودونوها في أصولهم. وادعى عمل الطائفة بالمراسيل إذا لم يعارضها من المسانيد الصحيحة. ومقتضى ذلك لزوم العمل بجميع أخبار تلك التصانيف والأصول، بلا حاجة إلى النظر في إسنادها، ولزوم العمل بجميع المراسيل السالمة عن معارضة المسند الصحيح، مع أن الفقهاء لم يقبلوا ذلك. ودعوى الشيخ في محل البحث نظير ذينك الدعويين فلا وجه لردهما، والأخذ بها.
  • الخامس: أن ما سبق من أدلة ضعف البطائني، وسقوط أخباره عن الاعتبار لا يبقى مجالاً للأخذ بهذه الدعوى والعمل بها" اهـ.
  • ([74]) يونس بن عبد الرحمن القمي من الملعونين والكذابين على لسان أئمة الشيعة، ورغم ذلك تبلغ رواياته في الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة قرابة مائتين وثلاثة وستين رواية (معجم رجال الحديث للخوئي 20/218). وننقل للقارئ الكريم بعض روايات اللعن والتكذيب الصادرة في حقه على لسان أئمة الشيعة:
  • عن محمد بن عيسى القمي قال: توجهت إلى أبي الحسن الرضا (ع) فاستقبلني يونس مولى آل يقطين. فقال: أين تذهب؟ قلت: أريد أبا الحسن. قال: اسأله عن هذه المسألة، قل له خُلقت الجنة بعد؟ فإني أزعم أنها لم تُخلق. قال: فدخلت على أبي الحسن (ع) فجلست عنده. فقلت له: إن يونس مولى آل يقطين أودعني إليك رسالة. قال: وما هي؟. قلت: قال: فأخبرني عن الجنة خلقت بعد، فإني أزعم أنها لم تُخلق. فقال: كذب. فأين جنة آدم (التحرير الطاووسي لابن الشهيد الثاني 320، رجال الكشي 415، معجم رجال الحديث للخوئي 20/209، تنقيح المقال للمامقاني 3/261، أعيان الشيعة لمحسن الأمين مجلد 10/ 329، مسند الرضا 2/468).
  • عن ابن سنان قال: قلت لأبي الحسن (ع) أن يونس يقول: إن الجنة والنار لم تخلقا. فقال: ما له لعنه الله، وأين جنة آدم (التحرير الطاووسي والنار لم تخلقا. فقال: ما له لعنه الله، وأين جنة آدم (التحرير الطاووسي 320، رجال الكشي 415، تنقيح المقال 3/341، معجم رجال الحديث 20/209، أعيان الشيعة 10/329، مسند الرضا 1/468).
  • عن محمد بن أبادية قال: كتبت إلى أبي الحسن (ع) في يونس. فكتب: لعنه الله ولعن أصحابه، أو بريء منه ومن أصحابه (التحرير الطاووسي 320، رجال الكشي 415، تنقيح المقال 3/341، معجم رجال الحديث 20/209، أعيان الشيعة 10/329، مسند الرضا 1/468).
  • عن يونس بن بهمن قال: قال لي يونس: اكتب إلى أبي الحسن (ع) فاسأله عن آدم هل فيه من جوهرية الله شيء؟ قال: فكتبت إليه، فأجابه: هذه المسألة مسألة رجل على غير السنة. فقلت ليونس، فقال: لا يسمع ذا أصحابنا فيبرأون منك. قال: قلت ليونس: يبرأون مني أو منك. (التحرير الطاووسي 322، رجال الكشي 416، تنقيح المقال 3/341، معجم رجال الحديث 20/209-210، أعيان الشيعة 10/329، مسند الرضا 469).
  • وللمزيد انظر كتابنا "نقد ولاية الفقيه" 87-91 .
  • ([75]) مؤلف كتاب "البلد الأمين" وهو كتاب مشهور عند الشيعة وفيه من الخزعبلات والخرافات الشيء الكثير، انظر ترجمته: أمل الآمل للحر العاملي 1/28، معجم رجال الحديث 1/260، تنقيح المقال للمامقاني 1/27 .
  • ([76]) مؤلف كتاب "بصائر الدرجات" يُعد عند الشيعة من أصحاب إمامهم الحادي عشر، وكتاب موضع ثقة وقبول عند الشيعة رغم ما يحتويه من الغلو والطعن في الصحابة وهو ممن يعتقد بتحريف القرآن مثل بقية علماء الشيعة. انظر: الفهرست للنجاشي 251، الفهرست للطوسي 143، الكنى والألقاب للقمي 2/279، بحار الأنوار 1/27، الذريعة للطهراني 3/124 .
  • ([77]) انظر ترجمته: الفهرست للنجاشي 183، رجال الحلي 10، معجم رجال الحديث 11/193، الفهرست للطوسي 119، الذريعة 4/302 .
  • ([78]) هو أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري صاحب "كتاب الضعفاء" وقد نقل عنه كثير من علماء الشيعة في مصنفاتهم الرجالية، وقد طعن فيه كثير علماء الشيعة ونفوا نسبة الكتاب المتداول إلى ابن الغضائري حيث يزعمون أن مصنفاته قد أتلفها بعض ورثته.
  • وللوقوف على ذلك انظر: "قواعد الحديث" للغريفي ص198 وما بعدها.
  • يقول الخوئي "معجم رجال الحديث" 1/102: وأما الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت، ولم يتعرض له العلامة في إجازته، وذكر طرقه إلى الكتب، بل إن وجود هذا الكتاب في زمان النجاشي والشيخ أيضاً مشكوك فيه، فإن النجاشي لم يتعرض له، مع أنه بصدد بيان الكتب التي صنفها الإمامية، حتى إنه يذكر ما لم يره من الكتب، وإنما سمعه من غيره أو رآه في كتابه، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيد الله أو ابنه أحمد.
  • وقد تعرّض لترجمة الحسين بن عبيد الله وذكر كتبه، ولم يذكر فيها كتاب الرجال، كما أنه حكي عن أحمد بن الحسين في عدة موارد، ولم يذكر أن له كتاب الرجال.
  • نعم إن الشيخ تعرض في مقدمة فهرسته أن أحمد بن الحسين كان له كتابان، ذكر في أحدهما المصنفات وفي الآخر الأصول، ومدحهما غير أنه ذكر عن بعضهم أن بعض ورثته أتلفهما ولم ينسخهما أحد.
  • والمتحصل من ذلك: أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري لم يثبت بل جزم بعضهم بأنه موضوع، وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري".
  • قال أبو عبد الرحمن: ليت "البعض" الذين جزموا بوضع الكتاب واتهموا المخالفين للشيعة بوضعه – على حد زعم الخوئي – بيّنوا من الذي وضعه، والعجيب أن كثيراً مما ورد في كتاب ابن الغضائري تم ذكره في الكثير من الكتب الرجالية عند الشيعة دون الإشارة إلى كتاب أبن الغضائري، ونتيجة خبرتي المتواضعة بكتب الشيعة وعلمائهم أنهم يتبرأون من الكتب التي تفضح رجالهم ومعتقدهم وينسبوها إلى محالفيهم. وصدق المثل المشهور "رمتني بدائها وانسلّت". وأما التزوير ونسبة الكتب إلى غير مصنفيها – قديماً وحديثاً – عند الشيعة فحدّث ولا حرج، ولا يمر شهر أو شهران إلا ويصدر كتاب أو كتابان لأشخاص موهومين ومختلقين اعتنقوا الدين الشيعي ونبذوا الإسلام الصحيح، ولولا خوف الإطالة لذكرت بعض الأمثلة على ذلك.
  • ([79]) انظر ترجمته: أمل الآمل 2/117-118، الكنى والألقاب 2/148، بحار الأنوار 1/10، الذريعة 18/362، 21/34 .
  • ([80]) هو أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش الجوهري، قال عنه النجاشي في رجاله 1/225-226 ترجمة 205: كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره.. وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعفونه، فلم أرو عنه شيئاً وتجنبته.
  • قال أبو عبد الرحمن: قول النجاشي "فلم أرو عنه شيئاً وتجنبته" كذب وتدليس، والدليل ذكره واحتجاجه به: انظر ترجمة رقم 438 و618 و853 من كتاب رجال النجاشي.
  • وانظر ترجمته: جامع الرواة 1/69، رجال ابن داود 229، رجال الطوسي 449، تنقيح المقال 1/88، معجم رجال الحديث 2/288، الكنى والألقاب 1/369 وغيرها من المراجع الشيعية، وقد تطرقت بعض المصادر الإسلامية لبيان ضعفه وتهافته وعدم الاحتجاج بمروياته مثل "لسان الميزان" ترجمة رقم 909 لابن حجر.
  • ([81]) هو علي بن الحسين ابن موسى بن محمد بن موسى. ولد في رجب سنة 355ه‍، وهلك في الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة436ه‍. انظر ترجمته: تنقيح المقال 2: 284، الخلاصة: 95، رجال ابن داود: 136، رجال النجاشي 2: 102، روضات الجنات 1: 295، رياض العلماء 4: 20، الفهرست: 98 .

===========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جامع الاصول لابن الاثير

  روابط التحميل